كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

512 - عن عبد الرحمن بن عائش - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأَيتُ رَبي تَبَارَكَ وتعالى في أَحْسَنِ صُورَةٍ، فقال: فيمَ يَخْتَصِمُ المَلأَ الأَعْلَى يا مُحَمَّد؟ قلتُ: أنتَ أَعْلَمُ أَي رَبِّ - مَرَّتَيْنِ - قال: فَوَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ، فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَعَلِمْتُ ما في السَّماءِ والأَرْضِ، ثُمَّ تلا هذه الآية: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}، ثم قال: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأَ الأَعْلَى يا مُحَمَّد؛ قلتُ: في الكَفَّاراتِ، قالَ: وما هُنَّ؟ قُلْتُ: المَشْيُ على الأقْدَامِ إلى الجماعَاتِ، والجُلُوسُ في المَساجِدِ خَلْفَ الصَّلواتِ، وإبلاغُ الوُضوءِ أماكِنَهُ في المَكَارِهِ، مَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يَعِشْ بِخَيْرٍ وَيَمُتْ بِخَيْرٍ، ويكونَ مِنَ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، ومِنَ الدَّرَجَاتِ إطْعَامُ الطَّعامِ، وبَذْلِ السَّلامِ، وأنْ يَقُومَ بالليلِ والنَّاسُ نِيامٌ، قال: قُلِ: اللهمَّ! إنِّي أَسْأَلُكَ الطَّيبَاتِ، وتَرْكَ المُنْكَراتِ، وحُبَّ المساكين، وأَنْ تَغْفِرَ لي خَطِيئتِي وتَرْحَمَني وتَتُوبَ عَلَيَّ، وإذا أَرَدْتَ فِتْنَةً في قَوْمٍ فَتَوَفَّني غَيْرَ مَفْتُونٍ".
"وعن عبد الرحمن بن عائش أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: رأيت ربي تبارك وتعالى في أحسنِ صورة": حال من النبي عليه الصلاة والسلام؛ أي: رأيته وأنا في تلك الحالة في أحسن صورة وصفة من غاية لطفه تعالى بي وإنعامه علي.
ويحتمل أن يكون حالاً من المرئي؛ فالسلفُ على الإيمانِ بظاهر مثله، وتفويضِ أمر باطنه إليه تعالى.
ثم هذا الحديث مرسل؛ لأن عبد الرحمن بن عائش يرويه عن مالك بن عامر، عن معاذ بن جبل: قال معاذ - رضي الله عنه -: لم يخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً لصلاة الغداة حتى كادت الشمس تطلع، فخرج، فصلى بنا صلاة الغداة على العجلة، ثم قال: "قمت الليلة، وصليت ما قدر الله لي أن أصلي، ثم غلبني

الصفحة 437