كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

النعاس، فوضعت جنبي في المسجد، فرأيت ربي في المنام في أحسن صورة".
"فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ ": المراد بهم: الملائكة المقربون، وصفوا به لعلوِّ مكانهم، وهو السماوات، أو لعلو منزلتهم عند الله.
واختصامهم: عبارة عن تبادرهم إلى تثبيت تلك الأعمال المكفرة للذنوب والصعود بها إلى السماء، أو عن تقاولهم فيما بينهم في فضل تلك الأعمال وشرفها.
"قلت: أنت أعلم أي رب": وإنما نادى بـ (أي) دون (يا) أدباً؛ لأن (يا) ينادى به البعيد، والله تعالى أقرب من حبل الوريد.
وأما ما روي من النداء بـ (يا) في الدعوات، فلهضم النفس واستبعادها عن مظانِّ الإجابة، وهو اللائق بحال الدعاء.
"مرتين": متعلق بقوله: (فيم يختصم)؛ أي: جرى السؤال من ربي مرتين، والجواب مني مرتين.
"قال: فوضع كفه بين كتفي": وهذا مجاز عن تخصيصه إياه بمزيد الفضل عليه وتكريمه؛ فإن من شأن الملوك إذا أراد أحدهم أن يقرب من نفسه بعضَ خدمه، ويذكر معه بعض أحوال مملكته: أن يضع يده على ظهره؛ تعظيماً لشأنه وتكريماً له.
"فوجدت بردها"؛ أي: برد الكفِّ؛ يعني: راحة لطفه تعالى.
"بين ثديي": أراد به: قلبه، وذلك عبارة عن نزول الرحمة على فؤاده، وانصباب العلوم الوجدانية إلى صدره.
"فعلمت ما في السماوات والأرض": كناية عن سعة علمه الذي فتحه الله تعالى.
"ثم تلا هذه الآية: {وَكَذَلِكَ} "؛ أي: كما نريك يا محمد أحكام الدين

الصفحة 438