كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

في الإسلام طوعاً لم يصبهم مكروه من حرب أو سبي يخزيهم، أو لأن الوفد قد يلحقه نقيصة من قِبَل مَن وفد عليه، أو ندامة أو خيبة من سفره حيث لم يجد قضاء حاجته.
والمعنى: ما كنتم بالإتيان إلينا خاسرين خائبين كبعض الأمراء إذا أتاهم وفد فلا يعطونهم حقهم ولا يقضون حاجتهم.
"قالوا: يا رسول الله! إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام" قالوا ذلك اعتذارًا إليه - صلى الله عليه وسلم - عن عدم الإتيان في غير هذا الوقت؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يحاربون بعضهم بعضًا ويكفُّون عن ذلك في الأشهر الحرم: ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب تعظيمًا لها، وكان هذا في أول الإسلام، فنسخ بقوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}.
"وبيننا وبينك هذا الحي" يريد به بطناً من بطون مضر، فتكون (من) في: "من كفار مضر" تبعيضية، أو يريد به نفس مضر فتكون (من) للتبيين؛ أي: هذا الحي الذي هو مضر، وهو اسم قبيلة، وكان بينهم وبين قبيلة الوفد عداوة.
"فمرنا بأمر فصل" صفة لـ (أمر)، مصدر بمعنى فاصل؛ أي: فاصل بين الحق والباطل، أو المعنى: ذي فصل؛ أي: بين واضح ينفصل بها المراد ولا يشكل.
"نخبر": بالرفع صفة ثانية لـ (أمر) أو استئناف، وبالجزم جواب الأمر.
"به"؛ أي: بسببه.
"من ورائنا"؛ أي: خلفنا؛ يعني: من تركناهم في أوطاننا من قبائلنا وعشائرنا.
"وندخل به" عطف على (نخبر)؛ أي: ندخل بسبب قبول أمرك والعمل به "الجنة"، فإن دخول الجنة إنما هو بفضل الله، والعملُ الصالح سببه، كما أن

الصفحة 44