كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

سُورةَ البقرةِ، فانْحَرَفَ رجلٌ فسلَّمَ ثمَّ صلَّى وحدَهُ وانصرفَ، فبلغَ ذلكَ مُعاذاً فقال: إنه مُنافِق، فبلغَ ذلكَ الرجُلَ، فأتَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله!، إنَّا قَوْمٌ نعملُ بأَيْدينا ونَسْقي بنواضحِنا، وإنَّ مُعاذاً صلَّى بنا البارحةَ فقرأَ البقرةَ فتجوَّزْتُ، فزعم أنِّي مُنافِقٌ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا معاذُ!، أفتَّانٌ أنت؟ - ثلاثاً - اقرأ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، ونحوهما".
"وقال جابر: كان معاذ بن جبل يصلِّي مع النَّبيّ عليه الصَّلاة والسلام، ثم يأتي قومَه فيصلِّي بهم، فصلَّى ليلة مع النَّبيّ - عليه الصَّلاة والسلام - العشاءَ، ثم أتى قومَه فأمَّهم": هذا يدل على جواز اقتداء المُفترِض بالمتنفِّل، وبه قال الشَّافعي.
"فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل"؛ أي: مالَ عن الصفِّ وخرجَ منه، والرجل حزم بن أبي كعب (¬1) الأنصاري.
"فسلَّم، ثم صلَّى وحده"؛ أي: استأنَفَ الصلاةَ منفردًا؛ لأنَّه لم يَعلَم أنه لو فارَقَ بالنية وانفرد وأتَمَّ بلا استئناف لَجازَ له ذلك.
"وانصرفَ"؛ أي: خرجَ من المسجد.
"فبلغَ ذلك معاذاً، فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك"؛ أي: قولُ معاذ أنه منافق.
"الرجلَ، فأتى"؛ أي: الرجلُ "النَّبيّ - صَلَّى الله تعالى عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله! إنَّا قومٌ نعمل بأيدينا، ونسقي بنواضحنا" جمع: ناضحة، أنثى: ناضح، وهو ما يُستَقى عليه من البعير.
"وإن معاذاً صلَّى بنا البارحةَ"؛ أي: الليلةَ الماضيةَ.
¬__________
(¬1) في جميع النسخ: "حزام بن أبي بن كعب".

الصفحة 499