كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 1)

"وقال عُبادة بن الصَّامت: كُنَّا خلف النَّبيّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ، فثَقُلَتْ عليه القراءةُ"؛ أي: تعسَّرت؛ لشغل أصوات المأمومين بالقراءة.
"فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم يا رسولَ الله! قال: لا تفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب"؛ فإنَّه لا صلاةَ لمن لم يقرأ بها.
"وفي رواية: قال: وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن؟! "؛ أي: ينازعني مَن ورائي فيه بقراءتهم على التغالُب؛ يعني: تشوِّش قراءتهم على قراءتي.
"فلا تقرؤوا بشيءٍ من القرآن إذا جهرتُ إلَّا بأم القرآن"، ذهب الشافعي به إلى أن المأمومَ يقرأ الفاتحة خلف الإمام، قلنا: هذا محمول على ابتداء الإسلام.
* * *

607 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - انصرفَ من صلاةٍ جهرَ فيها بالقراءةِ، فقال: "هل قرأَ معي أحدٌ منكم آنفًا؟ "، فقالَ رجلٌ: نعم يا رسولَ الله، قال: "إنِّي أقولُ: ما لي أُنازَعُ القرآنَ! "، قال: فانتهى النَّاسُ عن القراءةِ مع النبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فيما جهرَ فيه بالقراءة من الصلاةِ حينَ سَمِعُوا ذلكَ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
"وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسولَ الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم انصرف"؛ أي: فرغَ "من صلاةِ جهرَ فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفًا؟ "؛ يعني: الآن.
"فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال: إنِّي أقول: ما لي أُنازَع القرآنَ؟! " قيل: على صيغة المجهول؛ أي: أُداخَل في القراءة وأُشارَك فيها وأُغالَب عليها؛ وذلك لأنهم جهروا بالقراءة خلفه، فشغلوه، كأنهم نازَعُوه.

الصفحة 509