كتاب تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (اسم الجزء: 1)

ثم قال: " والذي نفس محمد بيده , إن لهذه الآية لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش "
" وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " الحديث.
(أي) في الاستفهام إذا أضيف إلى نكرة يكون سؤالا عن تعين ما أضيف إليه بما يميزه عن أخواته الملتبس هو بها , فيحسن السؤال به إذا كان السائل معتقدا استحضار المخاطب له ولأخواته , حتى يقدر على التمييز والتعيين , فلذلك وصف الآية بقوله: " معك " لئلا يتشوش ذهنه , ويتوهم أن المسؤول عنه لعله آية لم يلقنها الرسول بعد , ولم يعلمها إياه , ويويد بذلك تعليمه , ولاحتمال إرادة التعليم والإرشاد إلى تعليم المتصف بهذه الصفة لم يعين في الكرة الأولى , وقال:" الله ورسوله أعلم " مع ما فيه من تعظيم السائل ومراعاة الأدب.
ثم لما لم يعين الرسول – عليه السلام – وكرر السؤال , علم أنه يريد بذلك استنطاقه بما استنبطه , واستدل على فضله بما يدل عليه , فعين وقال: {الله لا إله إلا هو} [البقرة: 255] أي: الآية التي مستهلها ومبدؤها , لأن شرف الآيات بشرف مدلولاتها ورفعه قدرها , واشتمالها على الفوائد العظيمة والعوائد الخطيرة , ثم بحسن النظم ومزيد البيان والفصاحة , ولا شك أن أعظم المدلولات ذات الله تعالى وصفاته , وأشرف العلوم وأعلاها قدرا وأبقاها ذخرا: هو العلم

الصفحة 525