" صفحة رقم 168 "
الكتاب المنزل ، فلذلك خص بلفظ الإيقان ، ولأن المنزل إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) مشاهد أو كالمشاهد ، والآخرة غيب صرف ، فناسب تعليق اليقين بما كان غيباً صرفاً . قالوا : والإيقان هو العلم الحادث سواء كان ضرورياً أو استدلالياً ، فلذلك لا يوصف به الباري تعالى ، ليس من صفاته الموقن وقدم المجرور اعتناء به ولتطابق الأواخر . وإيراد هذه الجملة إسمية وإن كانت الجملة معطوفة على جملة فعلية آكد في الإخبار عن هؤلاء بالإيقان ، لأن قولك : ريد فعل آكد من فعل زيد لتكرار الإسم في الكلام بكونه مضمراً ، وتصديره مبتدأ بشعر بالاهتمام بالمحكوم عليه ، كما أن التقديم للفعل مشعر بالاهتمام بالمحكوم به . وذكر لفظة هم في قوله : ) هُمْ يُوقِنُونَ ( ، ولم يذكر لفظة هم في قوله : ) وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ( لأن وصف إيقانهم بالآخرة أعلى من وصفهم بالإنفاق ، فاحتاج هذا إلى التوكيد ولم يحتج ذلك إلى تأكيد ، ولأنه لو ذكرهم هناك لكان فيه قلق لفظي ، إذ كان يكون ومما رزقناهم هم ينفقون . أولئك : اسم إشارة للجمع يشترك فيه المذكر والمؤنث . والمشهور عند أصحابنا أنه للرتبة القصوى كأولالك ، وقال بعضهم هو للرتبة الوسطى ، قاسه على ذا حين لم يزيدوا في الوسطى عليه غيرحرف الخطاب ، بخلاف أولالك . ويضعف قوله كون هاء التنبيه لا تدخل عليه . وكتبوه بالواو فرقاً بينه وبين إليك ، وبنى لافتقاره إلى حاضر يشار إليه به ، وحرك لالتقاء الساكنين ، وبالكسر على أصل التقائهما . الفلاح : الفوز والظفر بإدراك البغية ، أو البقاء ، قيل : وأصله الشق والقطع :
إن الحديد بالحديد يفلح
وفي تشاركه في معنى الشق مشاركة في الفاء والعين نحو : فلي وفلق وفلذ ، تقدم في إعراب الذين يؤمنون بالغيب ، إن من وجهي رفعه كونه مبتدأ ، فعلى هذا يكون أولئك مع ما بعده مبتدأ وخبر في موضع خبر الذين ، ويجوز أن يكون بدلاً وعطف بيان ، ويمتنع الوصف لكونه أعرف . ويكون خبر الذين إذ ذاك قوله : ) عَلَى هُدًى ( ، وإن كان رفع الذين على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو كان مجروراً أو منصوباً ، كان أولئك مبتدأ خبره ) عَلَى هُدًى ( ، وقد تقدم أنا لا نختار الوجه الأول لانفلاته مما قبله والذهاب به مذهب الاستئناف مع وضوح اتصاله بما قبله وتعلقه به ، وأي