كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

حيث وقعَ (¬1)، وهو موسى بنُ عمرانَ بنِ يصهر بنِ قاهث بنِ لاوي بنِ يعقوبَ بنِ إِسحاقَ بنِ إبراهيمَ الخليلِ -عليهم السلام-، عاش موسى مئةً وعشرين سنةً، ومات في سابعِ آذارَ لمضيِّ ألفٍ وستِّ مئةٍ وستٍّ وعشرينَ سنةً من الطوفان، وبينَ وفاتِه والهجرةِ الشريفةِ الإسلامية ألفان، وثلاثُ مئةٍ، وثمانٍ وأربعون سنةً، وقبرُه شرقيّ بيتِ المقدس، بينهما مرحلة.
{أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} أي: انقضاءها. قرأ الكسائيُّ (لَيْلَةً) بإمالة اللام حيثُ وقفَ على هاءِ التأنيثِ، وقُرن بالليلِ دونَ النهار؛ لأن شهورَ العرب وُضِعَتْ على سيرِ القمر، وذلك أن بني إسرائيل لما أَمِنوا من عدوِّهم، ودخلوا مصرَ، لم يكن لهم كتابٌ ولا شريعةٌ ينتهون إليها، فوعدَ الله موسى أن يُنزل عليهِ التوراةَ، فقال موسى: إني ذاهبٌ لميقات ربي آتيكُم بكتابٍ فيه بيانُ ما تأتونَ به وما تَذَرون، وواعدَهم أربعين ليلةً: ثلاثينَ من ذي القعدة، وعشرًا من ذي الحجَّة، وقيل: ذو الحجة، وعشرٌ من المحرَّم، واستخلفَ عليهم أخاه هارون، فلما أتى الوعدُ، جاء جبريل -عليه السلام- على فرس يقال له: فرسُ الحياة، لا تُصيب شيئًا إلا حَيِيَ؛ ليذهبَ بموسى إلى ربه، فلما رآه السامريُّ، وكان رجلًا صائغًا من بني إسرائيل من قبيلة يقال لها: سامُرَّة، واسمه مِيْخَا -بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الخاء المعجمة وبعدها ألف-، وكان منافقًا، أظهرَ الإسلام، وكان من قوم يعبدون البقرَ، فلما رأى جبريلَ على تلكَ الفرس، ورأى موضعَ قدمِ الفرس يخضَرُّ في الحال، قال: إن لهذا شأنًا، وأخذ قبضةً من تربةِ حافرِ فرسِ
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 116)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 136)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 56).

الصفحة 103