كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

[58] {وَإِذْ قُلْنَا} لهم لما رجعوا من التيه:
{ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} سميت القرية قريةً؛ لأنها تجمعُ أهلَها، ومنه: المِقْراةُ للحَوْض؛ لأنها تجمعُ الماء، والقريةُ: بيتُ المقدس، وقيل غيره.
{فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} موسَّعًا عليكم. قرأ أبو عمرٍو (حَيْث شِّئْتُمْ) بإدغام الثاء في الشين، وقرأ أيضًا هو وأبو جعفرٍ وورشٌ: (شِيتُم) بياء ساكنة بغير همز.
{وَادْخُلُوا الْبَابَ} يعني: بابًا من أبواب القرية، وكان لها سبعة أبواب، وقيل: باب المسجد.
{سُجَّدًا} أي: رُكَّعًا خُضَّعًا مُنْحَنين.
{وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي: حُطَّ عنا خطايانا، أُمروا بالاستغفار.
{نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} من الغَفْر، وهو السَّتْر، فالمغفرةُ تسترُ الذنوب. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ: (يُغْفَرْ) بالياء آخر الحروف مضمومة، وابنُ عامر: (تُغفَرْ) بتاء مضمومة، واتفقوا على فتح الفاء، والباقون: بنون مفتوحة وكسر الفاء (¬1)، ورُوي عن أبي عَمْرٍو إدغامُ الراء في اللام من (نَغْفِر لَّكُمْ) (¬2)، وروي عنه إظهارُها، والوجهان عنه صحيحان، وقرأ الكسائي:
¬__________
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 180)، و"الحجة" لأبي زرعة (ص: 98)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 156)، و"الكشف" لمكي (242)، و"تفسير البغوي" (1/ 53)، و"التيسير" للداني (ص: 73)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (215)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 137)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 59).
(¬2) انظر: "الحجة" لابن خالويه (ص: 80)، و"الكشف" لمكي (1/ 243)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 117)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: =

الصفحة 111