كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

الحركة (¬1)، والهاء في (بقرة) ليست للتأنيث، وإنما هي لتدلَّ على أنها واحدةٌ من جنسٍ؛ كالبطة، والدجاجة، ونحوهما، وهي مأخوذة من البَقْرِ، وهو الشَّقُّ، سميت به، لأنها تشقُّ الأرض للحراثة.
والقصة فيه أنه كان في بني إسرائيل رجلٌ غني، وله ابنُ عمٍّ فقيرٌ لا وارثَ له سواه، فلما طال عليه موتُه قتلَه ليرثَه، وحملَه إلى قريةٍ أخرى، فألقاه بِفِنائهم، ثم أصبحَ يطلبُ ثأرَهُ، وجاء بناسٍ إلى موسى يدَّعي عليهِمُ القتلَ، فسألهم موسى، فجحدوا، فاشتبهَ أمرُ القتيل على موسى، وذلك قبلَ نزول القَسامَةِ في التوراة، فسألوا موسى أن يدعو الله؛ ليبيِّنَ لهم بدعائه، فدعا موسى -عليه السلام- فأمرهم بذبح بقرة، فقال لهم موسى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}.
{قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} أي: تستهزئ بنا، نحن نسألك عن أمر القتيل، وتأمرُنا بذبح البقرة، وإنما قالوا ذلك؛ لبعدِ ما بينَ الأمرين في الظاهر، ولم يدروا ما الحكمةُ فيه. قرأ حمزةُ، وخلفٌ: (هُزْؤًا) بجزم الزاي، وقرأ الباقون بضم الزاي، وحفصٌ بإبدال الهمزة واوًا (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 184)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 118)، و"إملاء ما منَّ به الرحمن" للعكبري (1/ 25)، و"البحر المحيط" لأبي حيَّان (1/ 249)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 136)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 67 - 67).
(¬2) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 184)، و"الحجة" لأبي زرعة (ص: 101)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 157 - 158)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 81 - 82)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 118)، و"الكشف" لمكي (1/ 247)، و"تفسير البغوي" (1/ 60)، و"التيسير" للداني (ص: 74)، =

الصفحة 124