كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

بني إسرائيل ذبحَ تلكَ البقرة بعينِها، فما زالوا يستوصفون حتى وصفَ لهم تلكَ البقرةَ مكافأةً له على بِرِّه بوالدته، فضلًا منه ورحمةً (¬1)، فذلك قوله تعالى:
{قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68)}.

[68] {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} أي: ما شيَتُها؟ فسأل اللهَ تعالى.
{قَالَ} موسى.
{إِنَّهُ} يعني: إن الله.
{يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} أي: لا كبيرة ولا صغيرة، والفارضُ: المُسِنَّةُ التي لا تلدُ، والبكرُ: الفتاةُ الصغيرةُ التي لم تلدْ قَطُّ، وحُذفت الهاءُ منهما للاختصاصِ بالإناث؛ كالحائض.
{عَوَانٌ} نَصَفٌ.
{بَيْنَ ذَلِكَ} أي: بين الشيئين، يقال: عَوَّنَتِ المرأة تَعْوينًا: إذا زادتْ على الثلاثين.
{فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} من ذبح البقرة، ولا تكرروا السؤال. قرأ أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ، وورشٌ: (توُمَرُونَ) بسكون الواو بغير همز، والباقون بالهمزة (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير البغوي" (1/ 82 - 83).
(¬2) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 119)، و "معجم القراءات القرآنية" (1/ 69).

الصفحة 127