كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)}.

[79] {فَوَيْلٌ} هي كلمة يقولها كلُّ واقع في هَلَكَةٍ بمعنى الدعاء على النفس بالعذاب.
{لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ} أي: المحرَّف.
{بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهابَ مَأْكُلَتِهم، وزوالَ رياستِهم حينَ قدمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فاحتالوا في تعويقِ اليهود عن الإيمان به، فعمدوا إلى صفته في التوراة، وكان صفتُه فيها: حسن الوجه، حسن الشعر، أكحلَ العينين، رَبَعَةً فغيروها، وكتبوا مكانها: طوالَ أزرقَ سَبْطَ الشَّعرِ، فإذا سألهم سفْلَتُهُم عن صفتِه، قرؤوا ما كتبوا، فيجدونه مخالفًا لصفته، فيكذبونه (¬1)، قال الله تعالى:
{فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} يعني: كتبوا بأنفسهم اختراعًا من تغير نعته - صلى الله عليه وسلم -.
{وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} من المآكل. قرأ أبو عمرٍو، ورُويسٌ عن يعقوبَ: (الْكِتَاب بأَيْدِيهِمْ) بإدغام الباء الأولى في الثانية (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير أبي السعود" (1/ 120).
(¬2) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 139)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 76).

الصفحة 137