كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

وتركَ الإخراج، وتركَ المظاهرة عليهم مع أعدائهم، وفداءَ أُسرائهم، فأعرضوا عن الكُلِّ إلا الفداءَ، قال الله -عزَّ وجلَّ-:
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ} أي: بالفداء؛ لأنه من جملة ما أُخذ في الميثاق.
{وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} بالقتل والإخراج. قرأ أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ، وورشٌ: (أَفَتُومِنُونَ) بغير همز، والباقون بالهمز، قال مجاهد: يقول: إن وجدْتَه في يدِ غيرِك، فديتَهُ، وأنت تقتلُه بيدِك.
{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ} يا معشر اليهود.
{إِلَّا خِزْيٌ} عذاب وهوان.
{فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وكان خزَيُ قريظة القتلَ والسبيَ، وخزيُ بني النضير الجلاءَ والنفيَ عن منازلهم إلى أَذرعات وأَريحا من الشام.
{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} وهو عذاب النار.
{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} قرأ نافعٌ، وابنُ كثيرٍ، ويعقوبُ، وخلفٌ، وأبو بكرٍ: (يَعْمَلُونَ) بالغيب، والباقون بالخطاب (¬1).
ثم أخبرهم متهددًا أن عذابَي الدنيا والآخرة لا يُفَتَّرُ عنهم ولا مانع لهم منه بقوله:
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 105)، و"الكشف" لمكي (1/ 252 - 253)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 122)، و"تفسير البغوي" (1/ 74)، و"التيسير" للداني (ص: 74)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 218)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 141)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 84).

الصفحة 145