كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} على مشركي العرب، وذلك أنهم كانوا يقولون إذا حَزَبهم أمرٌ، أو دَهَمهم عدوٌّ: اللهمَّ انصُرْنا عليهم بالنبيِّ المبعوثِ في آخرِ الزمان الذي نجدُ صفتهُ في التوراةِ، فكانوا يُنْصَرون، وكانوا يقولون لأعدائِهم من المشركين: قد أظلَّ زمانُ نبيٍّ يخرجُ بتصديقِ ما قلنا، فنقتلُكم معَهُ قتلَ عادٍ وإِرَم (¬1).
{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} يعني: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من غيرِ بني إسرائيل، وعرفوا نعتَهُ وصِدْقَه.
{كَفَرُوا بِهِ} بغيًا وحسدًا.
{فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} قرأ أبو عمرٍو، والكسائيُّ، ورُوَيسٌ: (الْكَافِرِينَ) بالإمالة حيثُ وقعَ بالياء (¬2)، مجرورًا كان أو منصوبًا، واختُلف عن ابنِ ذكوان في الإمالة والفتحِ، وأماله ورشٌ بينَ بينَ، وفتحَه الباقون، وجوابُ لما ولما الثانية في قوله: (كفروا)، وأعيدت لما الثانية؛ لطولِ الكلام، ويفيدُ ذلك تقريرًا للذَّنب وتأكيدًا له.
{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}.

[90] {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} قرأ أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ: (بِيسَ)
¬__________
(¬1) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4/ 34)، وانظر "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 215 - 216).
(¬2) "بالياء" سقطت من "ن".

الصفحة 149