كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

إن جبريلَ ينزلُ بالعذاب والقتالِ والشدَّة، وإنَّه عادانا مِرارًا، وكانَ أشدَّ ذلك علينا أنَّ الله أنزلَ على نَبِيِّنا أنَّ بيتَ المقدِسِ سَيُخَرَّبُ على يدِ رجلٍ يُقال لهُ: بُخْتَ نَصَّر، وأخبرَ بالحين الذي يخربُ فيه، فلما كانَ وقتُه، بعثْنا رجلًا من أقوياءِ بني إسرائيل في طلبِه ليقتلَهُ، فانطلقَ حتى لقيَه ببابل غلامًا مسكينًا، فأخذَهُ ليقتلَه، فدفعَ عنه جبريلُ، وكبر بخت نصّر وقوي، فغزانا وخَرَّبَ بيتَ المقدس، فلهذا نَتَّخذُه عدوًا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} (¬1).
{فَإِنَّهُ} يعني: جبريل.
{نَزَّلَهُ} يعني: القران؛ كنايةً عن غير مذكور.
{عَلَى قَلْبِكَ} يا محمدُ.
{بِإِذْنِ اللَّهِ} بأمرِ الله.
{مُصَدِّقًا} موافقًا.
{لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} لما قبلَه من الكتب.
{وَهُدًى} أي: هداية.
{وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} قرأ أبو عمرٍو، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (وَبُشْرى) بالإمالة (¬2)، وتقدَّم الاختلاف في إبدال الهمز (¬3) في (المؤمنين) (¬4).
¬__________
(¬1) انظر "العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (1/ 297).
(¬2) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 127)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 144)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 91).
(¬3) في "ن": "الهمزة".
(¬4) عند تفسير الآية (3) من سورة البقرة.

الصفحة 157