كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

وسبعون سنةً، ونُقل أنَّ قبرَه بالبيت المقدَّس (¬1) عند الجيسمانية، وأنه هو وأبوه داودُ في قبرٍ واحد.
وقصةُ الآيةِ: أن الشياطينَ كتبوا السحرَ والنيرِنْجيَّاتِ على لسانِ آصَف: هذا ما علَّمَ آصَفُ بنُ برخيا سليمانَ الملكَ، ثم دفنوها تحت مصلَّاه حين نزعَ اللهُ الملكَ عنه، ولم يشعرْ سليمانُ بذلك، فلما ماتَ، استخرجوها، وقالوا للناس: إنما مَلَكَكم سليمانُ بهذه، فتعلَّموها، فأما علماءُ بني إسرائيل وصلحاؤهم، فقالوا: معاذ اللهِ أن يكون هذا من علمِ سليمانَ، وأما السِّفْلَةُ، فقالوا: هذا علمُ سليمان، وأقبلوا على تعلُّمه، ورفضوا كتبَ أنبيائهم، وفَشَتِ الملامةُ لسليمانَ، فلم يزل هذا حالهم حتى بعثَ اللهُ محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، وأنزلَ عليه براءةَ سليمان، فقال:
{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} بالسحر وعملِهِ.
{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} باستعمالِ السحر وكَتْبِه. قرأ ابنُ عامرٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (وَلَكِنْ) خفيفةَ النون (الشَّيَاطِينُ) رفعٌ، والباقون: (وَلِكَنَّ) مشدَّدَةَ النون (الشَّياطِينَ) نَصْب (¬2).
ومعنى (لكن) نفيُ الخبر الماضي، وإثباتُ المستقبَلِ.
{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} والسحرُ عبارةٌ عن التَّمويهِ والتخييل، ووجودُه
¬__________
(¬1) في "ن": "ببيت المقدس".
(¬2) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 108)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 167)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 86)، و"الكشف" لمكي (1/ 256)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 127)، و"تفسير البغوي" (1/ 84)، و"التيسير" للداني (ص: 75)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 219)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 142)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 94).

الصفحة 162