كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

النسخ؛ أي: نرفعها. وقرأ ابنُ عامرٍ: (نُنْسِخْ) بضم النون الأولى، وكسر السين؛ من الإِنساخ؛ أي: نجعله من المنسوخ (¬1)، وذلك أن المشركين قالوا: إن محمدًا يأمرُ أصحابَه بأمرٍ، ثم ينهاهم عنه ويأمرُهم بخلافه، ما يقولُه إلا من تلقاء نفسه، يقول لهم اليومَ قولًا، ويرجعُ عنه غدًا؛ كما أخبر الله تعالى بقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل: 101]، وأنزلَ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}، فبيَّنَ وجهَ الحكمةِ في النسخ بهذهِ الآية.
{أو ننسئها} قرأ ابنُ كثيرٍ، وأبو عمرٍو: بفتحِ النونِ والسين، وهمزةٍ ساكنة بين السين والهاء؛ أي: نُؤَخِّرْها في اللوح المحفوظ. وقرأ الباقون: (نُنْسِها) بضم النون وكسر السين من غير همز؛ أي: نجعلْها منسيَّةً، أي: متروكةً (¬2).
{نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} أي: بما هو أنفعُ لكم، وأسهلُ عليكم، وأكثرُ
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 109)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 168)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 86)، و"الكشف" لمكي (1/ 257)، و"تفسير البغوي" (1/ 90)، و"التيسير" للداني (ص: 76)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 219)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 98). غير أنه وقع من مطبوعة "تفسير البغوي": قراءة العامة بفتح النون وكسر السين. والصحيح أنها بفتح السين، كما مرَّ في مراجع القراءات آنفًا.
(¬2) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 109)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 168)، و"إعراب القرآن" للنحاس (1/ 206)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 86)، و"الكشف" لمكي (1/ 258)، و"تفسير البغوي" (1/ 90)، و"التيسير" للداني (ص: 76)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 219)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 145)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 99).

الصفحة 172