كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} يعني: آباءَهُم الذين مضوا.
{مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} يقضي بينَ المحقِّ والمبطِل.
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من الدين. قرأ السوسيُّ عن أبي عمرٍو: (يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ) (¬1) (أَعْلَمْ بِالشَّاكِرِينَ) (مَرْيَمْ بُهْتَانًا) (آدَمْ بِالْحَقِّ) وشبهه حيث وقع: بإسكانِ الميم عند الباء إذا تحرك ما قبلها تخفيفًا؛ لتوالي الحركات، فتخفى إذ ذاك بغنة، فإن سكن ما قبلها، تُرِكَ ذلك إجماعًا.
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}.

[114] {وَمَنْ أَظْلَمُ} أي: أكفرُ وأعتى.
{مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} يعني: بيتَ المقدس ومحاريبَهُ.
{أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى} عملَ.
{فِي خَرَابِهَا} هو بُخْتَ نَصَّرُ وأصحابُه، غزوا اليهودَ، وخَرَّبوا بيتَ المقدسِ، وأعانَهم على ذلك النصارى: طَيْطُوسُ الروميُّ وأصحابُه، فغزوا بني إسرائيل ثانيًا، فقتلوا مقاتلتَهم، وسبوا ذراريَّهم، وحرقوا التوراة، وخَرَّبوا بيتَ المقدس، وقذفوا فيه الجِيَفَ، وذبحوا فيه الخنازيرَ، فكان
¬__________
(¬1) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص:145)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 105).

الصفحة 179