كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{سُبْحَانَهُ} نَزَّهَ وعظَّمَ نفسَهُ.
{بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} عَبيدًا ومُلْكًا.
{كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} أي: طائِعون.
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

[117] {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أبدعَ؛ أي: اخترعَ بلا مثالٍ سَبَقَ.
{وَإِذَا قَضَى أَمْرًا} أي: قَدَّرَهُ، وأصلُ القضاءِ: الفراغُ، ومنه قيل لمن مات: قُضِي عليه؛ لفراغِه من الدنيا، ومنه قضاءُ الله وقدرُه؛ لأنه فُرِغَ منه تقديرًا وتدبيرًا، وقد وردَ لفظُ القضاءِ في القرآن على عشرةِ أوجُهٍ سيأتي ذكرُها في سورة الزخرف -إن شاء الله تعالى-.
{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي: احْدُثْ فيحدُث. قرأ ابن عامر: (كُنْ فَيَكُونَ) بنصب النون في جميع المواضع، إلا في آل عمران: {كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 59، 60]، وفي الأنعام: {كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ} [الأنعام: 73]، وإنما نصبَها؛ لأن جوابَ الأمرِ بالفاءِ يكونُ منصوبًا. وقرأ الباقونَ: بالرفع (¬1) على معنى: فهو يكون، فأما
¬__________
= و"العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (1/ 366).
(¬1) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 110)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 168)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 88)، و"الكشف" لمكي (1/ 260)، و"تفسير البغوي" (1/ 97)، و"التيسير" للداني (ص: 76)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 220)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 146)، =

الصفحة 183