كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{عَلَيْهِمْ} عليهم بالهداية والتوفيق، وهم كلُّ من ثبته اللهُ على الإيمان من النبيين والصدِّيقين والشهداءِ والصالحين. قرأ حمزةُ ويعقوبُ (عَلَيْهُمْ) بضم الهاء حيث وقع، والباقون بكسرها، ومنهم: ابنُ كثير، وأبو جعفرٍ، وقالونُ بخلاف عنه (عَلَيْهِمُ) بضم الميم وصلتها بواوٍ حالةَ الوصل، والباقون بإسكان الميم في الحالين (¬1)، فمن ضمَّ الهاءَ، ردَّها إلى الأصل؛ لأنها مضمومة عند الانفراد، ومن كسرَ لأجلِ الياءِ الساكنةِ، والياءُ أختُ الكسرة.
{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} يعني: غيرِ صراط الذين غضبتَ عليهم، وهم اليهودُ، والغضبُ من الله تغييرُ النعمة، وغضبُ الله لا يلحقُ عُصاةَ المؤمنين، إنما يلحق الكافرين.
{وَلَا الضَّالِّينَ} أي: وغيرِ الضالين عن الهدى، وهم النصارى، والضلالُ: الذهابُ عن الصواب في الدين؛ لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب، فقال: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} [المائدة: 60]، وحكم على النصارى بالضلالة، فقال: {وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ (77)} [المائدة: 77].
ويسن للقارئ أن يقولَ بعد فراغه من قراءة الفاتحة: آمين مفصولًا عنها
¬__________
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 124)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 108)، و"المحتسب" لابن جني (1/ 43 - 42)، و"التيسير" للداني (ص: 19)، و"تفسير البغوي" (1/ 7)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 123)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 12).

الصفحة 46