كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

أُخذ عليهم الميثاق النبيون عليهم السلام. المعنى: أُخذ الميثاقُ على من تقدَّمَكَ يا محمدُ أن يؤمنوا بكَ، وإن أدركوك، نصروك.
{قَالَ} الله تعالى للأنبياء حين استخرجَ الذريَّةَ من صُلْبِ آدَم عليه السلام والأنبياءُ فيه كالمصابيح والسُّرُجِ، وأخذَ عليهم الميثاقَ في أمرِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:
{أَأَقْرَرْتُمْ} بذلك؟ وتقدَّم التنبيهُ على اختلاف القراء في الهمزتين من كلمةٍ عند قوله تعالى: {ءَأَسْلَمْتُمْ} وكذلك اختلافهم في قوله: {أَأَقْرَرْتُمْ}.
{وَأَخَذْتُمْ} أي: قبلتم. قرأ ابنُ كثيرٍ وحفصٌ ورويسٌ (وَأَخَذْتُمْ) بإظهار الذال عندَ التاء، والباقون: بالإدغام (¬1).
{عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} عَهْدي.
{قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ} اللهُ تعالى:
{فَاشْهَدُوا} على أنفسِكم وأتباعِكم.
{وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} عليكُم وعليهِم.
قال عليُّ بنُ أبي طالبٍ -رضي الله عنه-: "لم يبعَثِ الله نبيًّا من لَدُنْ آدمَ فَمَنْ بعدَهُ إلا أُخِذَ عليه العهدُ في محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: لَئِنْ بُعِثَ وهو حَيٌّ، ليؤمنَنَّ به ولينصرَنَّهُ، ويأخذ العهدَ بذلكَ على قومِه" (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 180)، و "معجم القراءات القرآنية" (2/ 50).
(¬2) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3/ 332).

الصفحة 484