كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)}.

[82] {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ} الإقرارِ.
{فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} العاصونَ الخارجونَ عن الإيمان.
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}.

[83] اختلف أهلُ الكتابَيْن، فادعى كلُّ واحد أنه على دين إبراهيم، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "كِلاَ الفَرِيقَيْنِ بَرِيءٌ مِنَ دِينِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ"، فغضبوا، وقالوا: لا نرضى بقضائِكَ، ولا نأخذُ بدينِك، فأنزل الله تعالى:
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} (¬1) دخلتِ الهمزةُ على الفاء العاطفة على محذوفٍ تقديرُه: أيتولَّونَ فغيرَ دين الله يبغون. قرأ أبو عمرٍو، وحفصٌ عن عاصمٍ، ويعقوبُ (يَبْغُونَ) بالغيب؛ لقوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وقرأ الباقون: بالخطاب؛ لقوله: {لَمَا آتَيْتُكُمْ} (¬2).
{وَلَهُ أَسْلَمَ} خضعَ وانقادَ.
¬__________
(¬1) انظر: "أسباب النزول" للواحدي (ص: 61)، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (1/ 921).
(¬2) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: 170)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: 214)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 112)، و"الكشف" لمكي (1/ 353)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 180)، و"تفسير البغوي" (1/ 377)، و"التيسير" للداني (ص: 89)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 241)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 177)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 51).

الصفحة 485