كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

لهم بابٌ من الجنة، فإذا انتهوا إليه، سُدَّ عنهم، ورُدُّوا إلى النار.
{وَيَمُدُّهُمْ} يُطيلُ مدةَ غَيِّهم، والمدُّ والإمدادُ واحدٌ، وأصلُه الزيادةُ، إلا أن المدَّ أكثرُ ما يأتي في الشرِّ، قال الله تعالى: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} [مريم: 79]، والإمدادُ في الخير، قال الله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الإسراء: 6].
{فِي طُغْيَانِهِمْ} أي: ضَلالتِهم، والطُّغيانُ: الغلوُّ في الكفرِ. قرأ الدوريُّ عنِ الكسائيِّ (طغيانهم وآذانهم) بالإمالة حيثُ وقعَ (¬1)، وأمالَ حمزةُ والكسائيُّ وخلَفٌ جميعَ ما رُسِمَ بالياء من الأسماء، نحو: (الهُدَى، وَالهَوَى، والعَمَى)، وما أشبهَ ذلكَ (¬2)، والأفعالِ نحو: (أَتَى، وَأَبَى، وَسَعَى)، وما أشبهَ ذلكَ، وافقهم (¬3) أبو عمرٍو على ما كان فيه راءٌ بعدها ألفٌ ممالة بأيِّ وزنٍ كان، نحو: (ذِكْرَى، وَبُشْرَى، وَأَسْرَى)، وما أشبهَ ذلك، واختلِفَ في ذلك كلِّه عن ابنِ ذكوانَ، واختلِفَ عن وَرْشٍ فيما فيه راءٌ، فرُويَ عنه الإمالةُ بينَ بينَ، ورُوي عنه الفتحُ (¬4)، والوجهانِ صحيحانِ عنه. وقرأ الباقون بالفتح.
{يَعْمَهُونَ} أي: حائرون متردِّدون (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 143)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: 70)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 90)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 130)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 29).
(¬2) انظر: "تفسير الآلوسي"، في تفسيره سورة البقرة، الآية (16).
(¬3) في "ن": "ووافقهم".
(¬4) "الفتح" سقط من "ت".
(¬5) انظر: "اللباب" لابن عادل الحنبلي، في تفسيره سورة يوسف، الآية (19).

الصفحة 64