كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

ثلاثَ مئة سنة لا يرفعُ رأسه حياءً من الله تعالى.
{فَتَابَ عَلَيْهِ} فتجاوز عنه.
{إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} المتفضل بقبولِ توبةِ عبادِه.
{الرَّحِيمُ} بخلقه. قرأ أبو عمرٍو (إنَّه هُّو) بإدغام الهاء في الهاء (¬1).
{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)}.

[38] {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} يعني: هؤلاءِ الأربعةَ قيل: الهبوطُ الأولُ من الجنة إلى السماء الدنيا، والهبوطُ الثاني إلى الأرض، وكان هبوطُهم وقتَ العصر. وبينَ هبوطِ آدمَ والهجرةِ الشريفة الإسلامية ستةُ آلافِ سنةٍ، ومئتان، وستَّ عشرةَ سنة، وبين المؤرخين في ذلك خلافٌ.
{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} أي: فإن يأتِكُم يا ذريةَ آدم، فـ (إنْ) شرطٌ ضُمَّتْ (¬2) إليها (ما) تأكيدًا للفعل، وأُدغمت (إنْ) فيها وقلَّما وقعَ فعلُ الشرطِ بعدَ إمّا إلا مؤكدًا بـ"ما" والنون، فـ"ما" تؤكِّدُ أولَ الفعل، والنونُ تؤكِّدُ آخرَه. قرأ أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ: (يَاتِيَنَّكُمْ) بالإبدال بغير همز، والباقون بالهمز.
{مِنِّي هُدًى} رشدٌ برسولٍ أبعثُه إليكم، وكتابٍ أنزله عليكم.
¬__________
= "تاريخ دمشق" (23/ 268).
(¬1) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (1/ 164)، و"تفسير القرطبي" (1/ 326)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: 109)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 49).
(¬2) في "ت": "ضمنت".

الصفحة 89