كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

{وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)}.

[41] {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ} يعني: القرآنَ.
{مُصَدِّقًا} موافقًا.
{لِمَا مَعَكُمْ} يعني: التوراةَ، في التوحيدِ والنبوَّةِ والأخبارِ، ونعتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. نزلتْ في كعبِ بنِ الأشرفِ وأصحابِه من علماءِ اليهود ورؤسائهم.
{وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أي: بالقرآنِ، يريد: أهلَ الكتاب؛ لأن قريشًا كفروا قبلَ اليهود بمكة، معناه: ولا تكونوا أولَ مَنْ كفر بالقرآن، فتتابعكم اليهودُ على ذلك، فتبوؤوا بآثامكم وآثامهم. قرأ حمزة: (ولا تَكُونُوا) بالمدِّ بحيثُ لا يبلغُ الإشباعَ.
{وَلَا تَشْتَرُوا} أي: ولا تستبدلوا.
{بِآيَاتِي} بالقرآنِ والإيمانِ بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
{ثَمَنًا قَلِيلًا} أي: عَرَضًا يسيرًا من الدنيا، وذلك أن رؤساءَ اليهود وعلماءهم كانت لهم مآكلُ يُصيبونها من سَفَلَتِهم وجُهَّالهم، يأخذون منهم (¬1) كلَّ عامٍ شيئًا معلومًا من زَرْعِهم وضُروعِهم ونُقودهم، فخافوا إن هُمْ بَيَّنوا صفةَ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وتابعوه، أن تفوتهم تلكَ المآكلُ، فغيَّروا نعتَهُ، وكتموا اسمَهُ، واختاروا الدنيا على الآخرة.
{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} أي: فاخْشَونِ، والوقاية لغةً: حفظُ الشيءِ مما يؤذيه،
¬__________
(¬1) في "ت": "من".

الصفحة 92