كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 1)

بالاتفاق، وصلاةُ اليهودِ لم يكن فيها ركوعٌ، فكأنه قال: صلُّوا صلاةً ذاتَ رُكوعٍ، وأصلُ الركوعِ: الانحناءُ.
{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)}.

[44] {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} بالطاعة. نزلت في علماء اليهود، وذلك أن الرجل منهم كان يقولُ لقريبِهِ وحليفِه منَ المسلمين إذا سألَهُ عن أمرِ محمدٍ: اثبُتْ على دينه؛ فإن أمرَهُ حقٌّ، وقولَه صدقٌ (¬1).
{وَتَنْسَوْنَ} أي: وتتركون.
{أَنْفُسَكُمْ} فلا تتبعونه.
{وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ} تقرؤون التوراةَ فيها نعتُه وصفتُه.
{أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أنه حَقٌّ، فتتبعونه، والعقلُ يمنعُ صاحبَه من الكفر والجحود.
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)}.

[45] {وَاسْتَعِينُوا} أي: اطلبوا في قضاء حوائجكم المعونة.
{بِالصَّبْرِ} أراد: حبسَ النفس عن المعاصي.
{وَالصَّلَاةِ} أي: وبالصلاة على نَيْل الرضوان وحَطِّ الذنوب.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" (1/ 258)، و"الدر المنثور" للسيوطي (1/ 156).

الصفحة 94