يستعمل "الحديث" أيضاً في الأصل بمعنى الأثر. فالروايات المنسوبة إلى النبي (¬1)، والصحابة (¬2)، والتابعين مثل إبراهيم النخعي وشريح (¬3) يطلق عليها اسم "حديث،. وفي بعض المواضع تستعمل السنَّة والحديث معاً. وفي هذه الحالة يحتمل أن يكون الحديث بمعنى الرواية القولية، والسنَّة بمعنى التطبيق لها. فمثلاً خالف أبو يوسف ومحمد أبا حنيفة في سهم الفارس والراجل من الغنائم اتباعاً للحديث والسنَّة (¬4).
ويستعمل الشيباني مصطلحات الأثر والحديث والسنَّة في مؤلفاته الأخرى بمعانيها التي استعملها في الأصل (¬5).
2 - منهجه في الرواية
روي في الأصل أحاديث مرفوعة وموقوفة وأقوال للتابعين كثيرة عن طريق أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. وبين هؤلاء الرواة مالك بن أنس الذي روى الشيباني الموطأ عنه. والأحاديث المذكورة في الكتاب تروى أحياناً بأسانيدها، وأحياناً بدون إسناد، فيقول مثلاً: بلغنا عن النبي كذا (¬6). وهذا الأسلوب أي البلاغ قد استعمله مالك في الموطأ أيضاً كما هو معروف. وتكثر البلاغات في كتاب الصلاة والنكاح وبعض الكتب من الأصل أكثر من غيرها. أما في الأحاديث المسندة فيستعمل ألفاظ حدثنا، أخبرنا، ذَكَرَ، والعنعنة وأمثالها من الألفاظ المعروفة في الرواية. كما تستعمل كلمة
¬__________
(¬1) الأصل للشيباني، 1/ 169 و. ونفس الاستعمال موجود في كتب الشيباني الأخرى. انظر: الآثار، ص 81.
(¬2) الأصل للشياني، 1/ 134 و، 3/ 3 و، 5/ 89 و.
(¬3) الأصل للشيباني، 1/ 121 و، 8/ 90 ظ، 91 و.
(¬4) الأصل للشيباني، 5/ 146 ظ.
(¬5) الحجة للشيباني، 1/ 24، 225، 269، 319، 343، 2/ 144، 147، موطأ محمد، 2/ 147، 394، 3/ 94.
(¬6) ويشير الدبوسي أيضاً إلى كثرة مرويات الشيباني بلفظ بلغنا. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 195.