كتاب الأصل للشيباني ط قطر (اسم الجزء: مقدمة)

الرشيد وأغلظ له الكلام، لكن لم يرجع محمد عن فتواه. وقال أبو البَخْتَرِي: "هذا أمان منتقض من وجه كذا". فمزقه الرشيد (¬1).
وكان محمد بن الحسن يتفقد طلاب العلم ويواسيهم بالنفقة مثل أستاذه أبي حنيفة. قال أبو عبيد: "رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين ديناراً وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهماً وقال: إن اشتهيت العلم فالزم" (¬2). وقد نفدت نفقة أسد بن الفرات وهو عند محمد فكلم فيه مسؤولي الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (¬3).
وكان الإمام محمد متواضعاً لأهل العلم حتى لطلابه، وحريصاً على العلم، فيستفيد من طلبته ولا يرى في ذلك غضاضة على نفسه. قال أبو سليمان الجوزجاني: "سمعت ابن المبارك يقول: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - عن الرجل يبعث بزكاة ماله من بلد إلى بلد آخر، فقال: لا بأس بأن يبعثها من بلد إلى بلد آخر لذي قرابته، فحدثت بهذا محمد بن الحسن، فقال: هذا حسن، وهذا قول أبي حنيفة، وليس لنا في هذا سماع عن أبي حنيفة. قال أبو سليمان: فكتبه عني محمد بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي حنيفة" (¬4).

8 - مذهبه في العقائد
طعن فيه بعض المحدثين بأنه كان جهمياً مرجئاً يقول بخلق القرآن (¬5).
لكن مذهب محمد بن الحسن في العقائد معروف مثل مذهب أبي حنيفة
¬__________
(¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 130 - 131؛ والكامل لابن الأثير، 5/ 291؛ والنجوم الزاهرة، 2/ 63.
(¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 14.
(¬3) سير أعلام النبلاء، 10/ 225 - 227.
(¬4) الجواهر المضية، 1/ 282.
(¬5) الضعفاء للعقيلي، 4/ 52، 54؛ والمجروحين لابن حبان، 2/ 276. وتاريخ بغداد، 2/ 179؛ وتعجيل المنفعة، 361.

الصفحة 26