كتاب الأصل للشيباني ط قطر (اسم الجزء: مقدمة)

يوسف ومحمد. لكن كان في المقابل محاولات لأهل الحديث في الحد من هذا الإقبال. قال يحيي بن صالح الوُحاظي (¬1): "كنت عند أبي سليمان فجاءه كتاب أحمد بن حنبل يذكر فيه: لو تركت رواية كتب أبي حنيفة أتيناك فسمعنا كتب عبد الله بن المبارك" (¬2). ويحكي موسي بن حزام الترمذي يقول: "كنت أختلف إلى أبي سليمان الجوزجاني في كتب محمد، فاستقبلني أحمد بن حنبل، فقال: إلى أين؟ قلت: إلى أبي سليمان. فقال: العجب منكم، تركتم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد عن حميد عن أنس، وأقبلتم على ثلاثة إلى أبي حنيفة -رحمه الله-، أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عنه. قال: فانحدرت إلى يزيد بن هارون" (¬3). لكن مع هذا تقدم أن الإمام أحمد قد استفاد المسائل الدقيقة من كتب الإمام محمد. فكان الأخذ والعطاء مستمراً بين العلماء وإن كانوا مختلفين في المنهج على وجه العموم.
ويذكر الفقهاء الأحناف أبا سليمان الجوزجاني في كتبهم كثيراً، وينقلون عنه أقوالاً وتخريجات في المذهب (¬4).
قال الذهبي: وله تصانيف (¬5). وقال القرشي: من تصانيفه السير الصغير
¬__________
(¬1) هو يحيي بن صالح الوُحاظي الحمصي. من أهل الرأي والحديث. سمع مالكاً ومحمد بن الحسن وغيرهما. وكان عديل محمد بن الحسن في الرحلة إلى مكة. توفي سنة 222. قال يحيى: قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا يعني حمص فكتب عن الصبيان وترك المشايخ، وذلك أنه لما قدم حمص وجه إلى يحيى: إن تركت الرأي أتيتك، وذلك أن يحيى كان يسمع كتب أهل الرأي، وكان يذهب مذهبهم، فلم يأته أحمد. انظر: طبقات الحنابلة، 1/ 402.
(¬2) طبقات الحنابلة، 1/ 402.
(¬3) سير أعلام النبلاء، 11/ 231.
(¬4) انظر مثلاً لمسألة في الفرائض: الجواهر المضية، 2/ 259 - 260. وانظر من كتب الفقه مثلاً: المبسوط، 1/ 2، 9، 91، 123، 144، 179، 208، 230، 231، 241؛ 2/ 147؛ 3/ 7؛ 6/ 112؛ 7/ 21، 146، 165؛ 10/ 217، 219؛ 11/ 20؛ 12/ 154؛ 17/ 43، 73، 131، 150؛ 18/ 10, 91، 149، 150، 151؛ 21/ 162؛ 26/ 143؛ 27/ 57؛ 28/ 206؛ 30/ 23، 25، 26، 244.
(¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 195.

الصفحة 92