الْبَاءُ مَعَ الكَافِ
قول عامر: "أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَكْرِ؟! " (¬1).
وقوله: "كَأَنَّهَا بَكْرَةٌ" (¬2) وهو الفتيُّ من الإبل يُشبِّه الجارية التامة الخلْق الطويلة العنُق بالبكرة، وأما البكرة التي يستقى عليه فتفتح كافُها وتسكَّن.
قوله: "الْعُرَاةُ البُكْمُ الصُّمُّ" (¬3) يعني: رعاع الناس وجهلتهم؛ لأنهم لم ينتفعوا بالسمع ولا بالنطق وكأنهم صم بكم، كما قيل في قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: 18] قال الطحاوي: صمٌّ عن الهدى، بكْمٌّ عن الخير، ويحتمل أن يريد الذين لا ينطقون في المشاهد والجماعات، ولا يشيرون ولا يستشارون لجهلهم وخمولهم وضعتهم وسوء حالهم. وقيل: صم بكم لشغلهم عن الآخرة باللذات، وما تقدم أولى؛ لأن الحديث لا يدل على أنها صفتهم بعد ملكهم؛ بل صفتهم اللازمة لهم.
قوله: "لَقَدْ خِفْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا" (¬4) كذا لهم (¬5)، والبكع: التبكيت، وهو الاستقبال في الوجه بما يكره، وعند ابن ماهان: "أَنْ تَنْكُتَنِي بِهَا" بنون قبل الكاف، وهو وهم، ولعله تصحيف من: "تُبْكتَنِي" الذي هو التوبيخ في الوجه، وقد يخرج على معنى أن ترميني بها فتسمني بها،
¬__________
(¬1) البخاري (4091) من حديث أنس.
(¬2) مسلم (1406) من حديث سبرة الجهني.
(¬3) مسلم (10) عن أبي هريرة.
(¬4) مسلم (404) عن حطان بن عبد الله الرقاشي.
(¬5) هو ما في "صحيح مسلم" (404)، ففيه: (رهِبتُ) بدل: (خِفْتُ).