كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 1)

وقوله: "فَبَاتُوا يَفْعَلُونَ كَذا" وما تكرر من ذلك في الأحاديث فهو كله كناية عما يصنع في الليل، وعكسه: ظَلِلْت، في فعل النهار.
وقوله: "فَيُصْبحُ مَعَ قُرَيْشٍ كَبائِتٍ" (¬1) أي: كمثل بائت معهم لم يغب عنهم.
وقوله: "لَبَيْتٌ بِرُكبَةَ" (¬2) قيل: أراد به المسكن لصحة بلاد الحجاز ووباء الشام، وركبة من بلاد الطائف، وقيل: أراد بالبيت ها هنا أهله من العرب، قال بعض اللغويين: البيتةُ من العرب الذي يجمع شرف القبيلة، وهو بيتها أيضًا.
وقوله: "أُبِيحَتْ خَضْراءُ قُرَيْشٍ" (¬3) أي: انتهبت وتم هلاكها، والإباحة كالنهبى وما لا يرد عنه مريده، ومنه مباح الشرع: ما لم يمنع منه مانع شرع، وتركه لمن أراد فعله أو تركه، وخضراؤهم: سوادهم وجماعتهم.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْدَ أَنَّهُمْ" (¬4) أي: غير، وقيل: إلا، وقيل: على، وقد تأتي بمعنى: من أجل، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْدَ أَنَّي مِنْ قُرَيْشٍ" (¬5) وقد قيل ذلك في الحديث الأوّل، وهو بعيد، وقد تقدم في الهمزة. وفي "بَيْدَ" لغة أخرى: (مَيْدَ) بالميم، و"الْبَيْداءُ" (¬6): المفازة والقفر، وكل صحراء فهي بيداء،
¬__________
(¬1) البخاريُّ (3906، 5807) من حديث عائشة.
(¬2) "الموطأ" 2/ 897.
(¬3) مسلم (1780) من حديث أبي هريرة.
(¬4) البخاريُّ (876)، مسلم (855) من حديث أبي هريرة.
(¬5) انظر "البدر المنير" 8/ 281 - 283.
(¬6) البخاريُّ (1545)، مسلم (1243) في حديث ابن عباس، وقد وردت في مواضع =

الصفحة 558