كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 1)

* الأول المعنى العام للعقد
العقد بمعناه العام يطلق ويراد به كل عهد والتزام ألزم به الإنسان نفسه، سواء كان في مقابل التزام آخر كالبيع، والإجارة، أو كان بإرادة منفردة لإنشاء حق، أو إنهائه، أو إسقاطه، كالوقف، والطلاق، والإبراء (¬١).
---------------
= ومنها: الإلزام، كما في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩].
قال الجصاص في أحكام القرآن (٢/ ٤١٦): "سمي اليمين على المستقبل عقداً؛ لأن الحالف قد ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه من فعل أو ترك".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة". رواه البخاري (٢٨٥٢)، ومسلم (١٨٧٣).
قال ابن الأثير: أي ملازم لها، كأنه معقود فيها. النهاية في غريب الحديث والأثر، طبع في مجلد واحد، دار ابن الجوزي (ص ٦٢٩).
(¬١) يقول الجصاص من الحنفية في أحكام القرآن (٢/ ٤١٧): "العقد: ما يعقده العاقد على أمر يفعله هو، أو يعقد على غيره فعله على وجه إلزامه إياه ..... فيسمى البيع والنكاح وسائر عقود المعاوضات عقودًا؛ لأن كل واحد منهما قد ألزم نفسه الوفاء به، وسمي اليمين على المستقبل عقداً؛ لأن الحالف قد ألزم نفسه الوفاء بما حلف عليه من فعل أو ترك .... وكذلك كل شرط شرطه إنسان على نفسه في شيء يفعله في المستقبل فهو عقد، وكذلك النذور، وإيجاب القرب، وما جرى مجرى ذلك، وكذلك الطلاق المعلق على شيء في المستقبل".
ومن المالكية، قال ابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٢٩٤، ٢٩٥): "ربط العقد تارة يكون مع الله، وتارة يكون مع الآدمي، وتارة يكون بالقول، وتارة يكون بالفعل".
وأطلق الشافعي رحمه الله تعالى العقد على النذر. انظر أحكام القرآن للشافعي (٢/ ٦٥، ٦٦). وقال النووي: "العقد ضربان: ضرب ينفرد به الشخص، وضرب لا بد فيه من متعاقدين: أما الذي ينفرد به العاقد فسبعة: عقد النذر، وعقد اليمين، وعقد الطلاق، وعقد الضمان، وعقد الصلاة -لا الجمعة- وعقد الحج، وعقد العمرة ... ". انظر شرح التحرير (٢/ ٣) المنثور في القواعد للزركشي (٢/ ٣٩٧).
ومن الحنابلة قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٤/ ٨٣): "أمر سبحانه بالوفاء بالعقود،=

الصفحة 48