كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

طالبٌ شابّ- بقُضاتهم وعُمّالِهم وكُتّابِهم ونقبائهم ومؤرِّخيهم أثرٌ قويٌّ في تكوينه التاريخيِّ، وتكفي الإشارةُ إلى صلتِه الوثيقة بشيوخِه من رجال الدولة وخاصّةً الخلفاءَ أمثالَ الرُّعَيْنيِّ وابن القَطّان والعراقيِّ وغيرهم ممّن ذكَرْنا فيما سبَق، ونحسَبُ أنه انتفَعَ بتقاليدِ بعض التاريخيِّين والأخبارِّيين المنسيِّين مثل: أبي العبّاس أحمد بن هارون السُّماتي نزيل مَرّاكُش المتوفَّى سنة 649 هـ، أدركه ابنُ عبد الملك وعايَنَه وذكَرَ أنه اهتمَّ بتخليد التواريخ "وقَطَع في ذلك عمُرَه الممتدّ وتخلَّف من ذلك أحمالًا من التصانيف الكبار والصغار والتعاليق والفوائد شَهِدت بطول إكبابِه على خدمة العلم وإن كانت تشتملُ على أوهام عثَرتُ على كثيرٍ من ذلك فيها"، وقد نقَلَ عنه في "الذّيل والتكملة" مرّاتٍ متعددة (¬1).
يمكنُ أن نميِّز صِنفَيْن من المعارف التاريخيّة لدى ابن عبد الملك، فالصِّنفُ الأول يعتمدُ فيه على المشاهدة والرواية الشّفوية والسَّماع المباشر، وَيندرجُ في هذا النوع "الفَذْلَكاتُ" التاريخيّة الاستطراديّة في كتابِه "الذّيل والتكملة"، وكذلك تراجم من أدرَكَ حياتَهم أو قارَبَ عصرَهم، وهو في هذا النوع مصدرٌ لمن جاء بعدَه من المؤرِّخين كابن عِذاري وابن الخطيب وغيرهما، والصّنفُ الثاني يرجِع فيه إلى المدوَّناتِ التاريخيّة، وما أكثرَ ما وقَفَ عليه منها، وقد ذكَر ما يخُصُّ طبقاتِ الرّجال في مقدّمة "الذّيل والتكملة"، كما أشار إلى كثير منها في أثنائه، ومما يتعلّق بالتاريخ العامّ في الأندَلس والمغرب مؤلّفاتُ: الرازيَّيْنِ، والورّاق، وابن حَيّان، والحكيم، وابن حَزْم، وعَرِيب بن سعيد، والمَلّاحي، وابن صاحب الصّلاة، والسالميّ، وأبي العباس أحمدَ بن علي الإشبيليّ، وأبي القاسم محمد بن حُمَيد البرجانيّ، وأبي عبد الله ابن عَلْقمةَ، وهو يقوِّمُها بكلمات تطُولُ أو تقصُر أحيانًا، فقد نقَل عن الرازيَّيْنِ: أحمدَ وولدِه عيسى ووَصَف تاريخَ هذا الذي ألّفه للمستنصِر بأنه "تاريخٌ مُمتع" وأشار إلى تأليفيه اللذين ألّفهما لابن أبي
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 417، 700، 5/ الترجمة 525. 1245، 6/الترجمة 929.

الصفحة 102