كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

أو الناسخ- في تسمية الكتاب، أمّا ترجمةُ ابن الفَرَس المشار إليها فلم تصلْ إلينا؛ لأنها تقعُ في الطّرفِ المفقود من السِّفر الرابع.
وممّن نقَلَ عنه وذكَرَه من المؤرّخينَ: صاحبُ كتاب "مفاخِر البربر"، الذي نُشِرَتْ قطعةٌ منه، فقد سمِعَه مرّةً ينعَى على المغاربة إهمالَهم تاريخَ أعلامهم ومعالمَهم، وإغفالَهم تخليدَ مفاخِرهم ومآثرِهم، ويقول: "كان بفاسَ من الفقهاء الأعلام، الأجِلّة أعيان الأنام، ما ليس في غيرها من بُلدان الإسلام؛ إذْ هي قاعدةُ المغرب، ودارُ العلم والأدب، لكنّ أهلَها أهمَلوا ذكْرَ محاسن علمائهم، وأغفَلوا تخليدَ مفاخِر فقهائهم" (¬1). ويبدو من سَبْك هذا الكلام وسَجْعِه أنه ممّا كتبه ابنُ عبد الملك، ولكنّنا لا نَعرف موضعَه ومناسبتَه، ولعلّه وَرَدَ في بعض تراجم الأسفار المفقودة، ومهما يكنْ فإنّ الكلامَ المذكورَ هو أقدمُ ما نقفُ عليه في موضوعه، وهو أصل الشكاوى التي ردّدها المشتغلونَ بتدوين تاريخ المغرب في القرون الأخيرة (¬2).
ونحسَبُ أنّ من بين المؤرِّخينَ الذين كانوا قريبينَ من ابن عبد الملك في المكان والزمان التاريخيَّ المغمورَ أبا عليّ صالح بن أبي صالح الإيلانيَّ نزيلَ نفيس والمتوفَّى سنة 627 هـ (¬3)، وقد ضاعت مؤلّفاتُه التاريخيّة ولم يبقَ منها إلا نُقولٌ في "البيان" لابن عذاري ووَرَقاتٌ حول الفتح الإسلاميِّ للمَغرب نشَرَها المؤرِّخ المستعرِب ليفي بروفنسال، ولعلّها من مطلع كتابٍ له في تاريخ المغرب.
وقد وجدنا ابنَ أبي زرع في "الأنيس المُطرب" يستمدُّ أحيانًا من الفَذْلَكات التاريخيّة لابن عبد الملك المتعلّقة بالموحِّدين، ولكنّه لا يُسمِّيه، وله
¬__________
(¬1) مفاخر البربر: 76.
(¬2) مؤرخو الشرفاء: 37 وما بعدها.
(¬3) درة الحجال 3/ 30 - 31، ومفاخر البربر: 75، ومقدمة الأنيس المطرب (طبع دار المنصور).

الصفحة 106