كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

وكان منزلُ خالِ ابن عبد الملك -فيما ذَكَرَ- مَجْمعًا للنُّبلاء والفضلاء، كما كان كثيرَ المواساة، نَفّاعًا بجاهه وذاتِ يده، حَسَن المشاركة والجدّ في قضاء حوائج النَّاس، وله مؤلّفاتٌ أدبية، وتوفِّي قبل ميلاد ابن عبد الملك وهو في مقتَبل العمر سنة 626 هـ، "ودفن خارج باب نَفِيس (أحد أبواب مَرّاكُشَ الغربية) بروضة سَلَفِه هنالك مقابلَ الباب، وكانت جنازته مشهودة والثناء عليه كثيرًا" (¬1).
إنّ هذه المعلوماتِ التي وردت في هذه الترجمة تشرحُ لنا ملابساتٍ تُعرَفُ لأول مرة في البيئة العائليّة والاجتماعيّة التي وُلد في ظلها وترعرع في بُحبوحتها مؤرّخنا الكبير.
ولقد كنا نعجَبُ للكمِّ الهائل الذي وقَفَ عليه من المؤلّفاتِ والوثائق التاريخية في نُسَخها الأصليّة وبخطوطِ أصحابِها.
ونحسَبُ أن من تفسير ذلك هذا الموقعُ العائليُّ الممتاز، بالإضافة إلى علائقه الكثيرة وهمَمِه الكبيرة في تتبُّع الذخائر العلمية والسّعي للحصول عليها.

مولده:
أرَّخ ابن الزُّبَير ميلادَ تلميذه وصاحبِه ابن عبد الملك بقوله: "ومولده ليلةَ الأحد لعشْرٍ خَلَونَ من ذي القَعدة سنة أربع وثلاثينَ وست مئة" (¬2). وهذا بنصه في "الدِّيباج المذهب" (¬3)، وقد حَفِظ لنا ابنُ الحاجّ النُّمَيْريُّ رَجَزًا لطيفًا قيَّد به ابنُ عبد الملك تاريخَ ميلاده بدقّةٍ ملحوظة تَشِي بعناية والده بتسجيل الحادث السعيد، قال، وقد سئل عن مولده:
اعلَمْ بأنّ مولدي بالحضرةِ ... مَرّاكُشَ العلياء دارِ الإمرةِ
¬__________
(¬1) ترجمة عمر ابن الفاسي رقم (31) من السفر الثامن.
(¬2) صلة الصلة 3/ الترجمة 36.
(¬3) الديباج المذهب 2/ 325.

الصفحة 11