كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

ونَحْويّة وعَروضيّة سنتحدّث عنها في فقرة لاحقة، وله نقدٌ تاريخيٌّ يتعلّقُ معظمُه بما يَرجِعُ إلى تراجم الأعلام، وتعقَّب في هذا النقد جماعةً ممّن سَبَقوه إلى الموضوع؛ كابن الفرَضي وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبَير وابن فَرْتون وغيرِهم.
أمّا ابنُ الفَرَضيّ مؤلِّفُ الحلقة الأولى في السِّلسلة ومؤسِّس المصطلح المتداوَل بعدَه، فكان ابنُ عبد الملك يُجلُّه ويحلِّيه حيثما ذكَرَه: الحافظَ، وقد استَدرك عليه بعضَ التراجم ووقَفَ على تتميم وتصويب هَفَواتٍ هيِّنة في "تاريخِه".
وابنُ بَشْكُوال دونَه في رأيه منزلةً؛ إذ يُطلقُ عليه: الراوية. وقد ناقَشَه في النّهج الذي سار عليه ولا سيّما ترتيبُ الرجال حسَبَ طبقاتِهم ووَفَياتهم قائلًا: إنّ هذا "لا يتأتّى اطّرادُه إلا بشرط العلم بوفاة الرّجال المذكورين وتحقُّق متأخِّرها من متقدِّمها، وهو مُتعذِّر"، وذَكَرَ أنّ ابنَ بَشْكُوال ومن سلَكَ مسلكَه "يذكرونَ الرّجلَ بين الرجلَيْن وهو أقدمُ موتًا من المذكورِ قبلَه، مجاورَا له أو متقدِّمًا عليه برجُل أو رجُلَيْن فصاعدًا أو تتأخَّرُ وفاته عنه على تلك النسبة، وذلك موجودٌ في كُتُبهم بأيسَرِ تأمّل"، ثم قال: "ومن مثالِه لمن يَستعجلُ الوقوفَ عليه: أنّ ابنَ بَشْكُوال ذكَرَ أبا عامرٍ محمدَ بن سَعْدون بن مُرَجَّى بن سعدون بن مُرَجَّى العَبْدريَّ -ولم يذكُرْ له وفاةَ لمّا لم يعرفْ وقتَها- بين أبي عبد الله محمد بن الفَرَج بن إبراهيم المقرئ البَطَلْيَوسيّ -وذكَرَ أن وفاتَه سنة أربع وتسعينَ وأربع مئة- وأبي عبد الله بن فَرَج مَوْلى محمد بن يحيى البكريّ ابن الطّلّاع، وذكَرَ أن وفاته بُكرةَ يوم الخميس لثلاثَ عشْرةَ ليلةً خلت من رجبٍ الفرد سنةَ سبعِ وتسعينَ وأربع مئة، واقتضى وضْعُ أبي عبد الله ابن سَعْدون بينَهما أن يكون زمانُ وفاتِه بين زمان وفاتَيْهما، وقد طلع نجيث البحث عن وفاته على أنها كانت في ربيعٍ الآخِر سنة أربع وعشرينَ وخمس مئة بعد وفاة أبي عبد الله بن فَرَج بسبع وعشرينَ سنة غيرَ شهرَيْن وأيام" (¬1).
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 1/ 209. ونجيث البحث: ما يظهر من الأمر بالبحث بعدما كان مخفيًا.

الصفحة 112