كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
بُعَيْدَ هُدْءٍ قد مضَى من ليلةِ ... في ليل يوم الأحدِ العاشرةِ
من شهرِ ذي القَعدة من أربعةِ ... تتلو الثلاثينَ وستِّ المئةِ (¬1)
وقد نَصَّ على الدار التي وُلد فيها بمَرّاكُش ولكنه لم يحدِّد موقعَها، مع أنه يُعنى أحيانًا بتحديد خطط مَرّاكش الموحِّدية، ولا شكّ أنها كانت في الحَوْمة التي يَسكُنُ فيها وجهاءُ البلد الذين كان والدُه وأخوالُه منهم، وقد كانت دارَ إقامة قاضي مَرّاكش ابن قُطرال ملكًا له وملاصقةً لدارِه التي وُلد بها (¬2). كما كان من جيرانه: أبو عبد الله ابنُ الطّراوة صاحبُ خُطة الإشراف في عهد الرّشيد الموحِّدي (¬3)، وأبو النّور وَلَدُ المحدِّث الطبيب الصَّيْدلانيِّ الكبير ابن الرُّوميّة (¬4).
وفي هذه الدار نشَأ ابنُ عبد الملك وترعرع في كنَف والده الشيخ الفاضل الذي كان منزلُه مَجْمَعًا لأهل الخير والفضل والعلم كما يستفاد من نصٍّ له، وسمع في هذا المجلس -وهو في الخامسة من عمره أو نحوها- من أحد رجال العلم والتصوف ما بَشّره بمستقبله العلميّ، ولا نملِك ما يكشِف لنا على الحقيقة طفولتَه والفترةَ الأوليّة من تعلّمه، ولعله تعلّم في هذه المُدة على والده الذي كان من شيوخ الإقراء، وقد يكون ترَدّد إلى كُتّاب من هذه الكتاتيب التي ذَكَرَ هو بعضَها وحدّد مواقعها في "الذّيل والتكملة" (¬5).
ويبدو أنّ ابنَ عبد الملك فقَدَ والدَه في وقت مبكّر من نشأته، وقد نستفيد ذلك مما ذكَرَه في ترجمة ابن قُطرال، قال: "وكان قد جاورني مدّة بدارٍ لي لِصْقَ دار مولدي وسُكناي، وكان كثيرٌ من طلبة العلم بمَرّاكُش ينتابونَه للرواية عنه،
¬__________
(¬1) مذكرات ابن الحاج النميري: 117 - 118 (نسخة مرقونة).
(¬2) راجع الترجمة رقم (1) من السفر الثامن.
(¬3) راجع الترجمة رقم (63) من السفر الثامن.
(¬4) الذيل والتكملة 1/الترجمة 758.
(¬5) المصدر نفسه 1/الترجمة 616.
الصفحة 12
784