كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

الأدبية المبثوثة خلال التراجم تميِّز هذا الكتابَ عن كُتب ابن الفَرَضيّ وابن بَشْكُوال وابن الأبّار وابن الزُّبير في الموضوع، وهي نصوصٌ متنوعة، فمنها: مقطَّعات في الوصايا والعِظات والأغراض الزُّهدية والوَعْظيّة والخُلُقيّة بصفة عامة، ومنها مطوَّلاتٌ في التوسّل وفي المديح النبويّ وغيره وفي الرثّاء والوصف، ومنها ما يدخُل في باب المطارَحات الإخوانيّة والمعارَضات الشّعرية، ومنها جملةٌ كبيرة من النّظم التعليميّ في مسائلَ لُغَويّة وعَرُوضيّة وفقهيّة وفَلَكيّة وحديثيّة، وقد نوّه الأستاذُ الجليل السيد محمد الفاسيّ بحُسن اختيار ابن عبد الملك للقصائدِ والمقطَّعات الشّعرية، ولاحَظَ أننا لا نكادُ نجدُ فيه قصيدةً في مدح الملوك والأمراء، وهي ملاحظةٌ لا تستندُ على الاستقراء التامّ، فالواقعُ أنّ الأسفارَ التي بين أيدينا تشتمل على قصائدَ ومقطَّعات في مدح الخلفاء والأمراء الموحِّدينَ ومنهم عبدُ المؤمن ويعقوبُ المنصور وأبو العلاء المأمون والرشيدُ وغيرُهم.
ويشتملُ الكتابُ على طائفة كبيرة من الرسائل الإخوانيّةِ وغيرها، كما يشتملُ من جهة ثانية على نَظَرات مهمّة في النّقد الأدبي، وجُلُّ هذه الحصيلة الأدبيّة إن لم نقل: كلُّها، هي من النِّتاج الأدبيِّ في عصر الموحِّدين، ومن ثم فإنه لا غنى لدارس الأدب المغربيِّ والأندَلسيّ في هذا العصر من الرجوع إلى "الذّيل والتكملة" واستغلال مادّته الأدبيّة واعتماده ضمنَ المصادر الأوّليّة، وهذا طبعًا زيادة على قيمته الكبرى وفائدته العظمى في تصوير العصر ورجاله، ولا مجالَ هنا لدراسة هذا الأدب وتحليله، وحسبنا هنا الإشارةُ والتنبيه.
وأمّا قيمة "الذّيل والتكملة" العلميّة فهي أوسعُ من قيمتِه الأدبية؛ لأنّ الحياةَ العلميّةَ من حيث حركةُ التعليم والتأليف هي محِورُ الكتاب ومدارُه، وذلك من خلال الأعلام المترجَمين، وحسبنا هنا أيضًا الإحالةُ على فهارس الكُتُب المستخرجَة من الأسفار الموجودة والمثبَتة في المجلد الأخير من هذه النشرة، وسيقتنعُ الواقف عليها والمتصفّح لها أنها تؤلّفُ القاعدةَ العريضة لمن يدرُس الحركةَ العلميّة والفِكرية في عصر الموحِّدين دراسةً منهجيّة ومتقصِّية.

الصفحة 132