كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
مدة متلبِّسًا بعقد الشروط ثم عاد إلى الأندلس" (¬1). وينبغي أن تكون رؤيته للمذكور في عهد طفولته، ومنها أَيضًا ما وَرَدَ في ترجمة المؤرِّخ أبي العباس بن هارون السُّماتي المتوفَّى سنة 649 هـ، وسنرى فيما بعدُ إلى أيِّ حدّ أفاد ابنُ عبد الملك من مخلَّفاته، قال: "أدركتُه وعاينتُه بدكّان انتصابه لعقد الشروط وبغيرها شيخًا نقيَّ الشيبة حسن القَدّ، نظيف الملبس وقورًا" (¬2).
شيوخه:
درَسَ ابن عبد الملك على طائفة من الشيوخ، وأخَذ عن جماعة من الأساتيذ، بطرق الأخذ المعروفة، وكيفيّات التحمّل المعهودة، ما بين قراءة وسماع وإجازة، وإذا كان لم يخصِّص لشيوخه برنامجًا حسَب العادة المتّبعة في الغالب فإنّ كتابه "الذّيل والتكملة" ينطوي على ما يُستخرج منه برنامجٌ خاصّ بهم، وقد تتبّعنا هؤلاءِ الشيوخَ وجرّدناهم من الأسفار الموجودة بين أيدينا من"الذّيل والتكملة"، فوجدناهم أكثر من خمسين شيخًا، وابن عبد الملك مع هذا يُعَدُّ مِقلًّا بالقياس إلى بعض من يترجم بهم في معجَمه، ولهذا وصفه ابن الزُّبير -الذي يزيد شيوخُه على المئة- بقلة السماع.
ويلاحَظُ أنّ ابن الزُّبير، في ترجمة صاحبنا، لم يُسَمِّ من شيوخه إلَّا الرُّعينيَّ وابنَ هشام وابن عُفَير بينما ذكَرَ منهم ابنُ فَرْحون في "الدّيباج" أَبا زكريا بن عتيق وأبا القاسم البَلَويّ وأبا محمد حَسَن ابن القَطّان والرُّعيني، وهؤلاء في مجموعهم لا يؤلِّفون إلَّا ستةً من شيوخه الذين يزيدون على خمسينَ شيخًا كما ذكرنا.
وسنَذكُرُ فيما يلي هؤلاء الشيوخَ بشيء من التفصيل؛ لأنّ من شأن هذا أن يُبرزَ بيئةَ ابن عبد الملك الثقافيةَ، ويكشِفَ عن مراحل دراستِه وأطوار تعلّمه، ويُظهرَ جهودَه في سبيل الدَّرْس والتحصيل، ويصوِّرَ ما كان عليه الرجل من عزم صادق وسعي دائب إلى العلم والمعرفة.
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 5/الترجمة 1201.
(¬2) المصدر نفسه 1/الترجمة 417.
الصفحة 14
784