كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
في الأصول والكلام والمنطق والحساب، ويغلِبُ عليه البحث لا الحفظ" (¬1). ويبدو أنه لم يكنْ من شرط المؤلف، ولذلك لم نجدْ ترجمتَه في موضعها من السِّفر الثامن. ولا بدّ أنّ ابن عبد الملك حضَرَ دروسَه في الموادّ المذكورة، وقد وقَفْنا على روايته عن شيخه هذا فِهرِسةَ أبي الحَسَنُ عليّ ابن القَطّان (¬2).
ومما يوضِّح مستوى الصِّلة التي كانت بين ابن عبد الملك وشيخه هذا ما وَرَدَ في ترجمة علي ابن القَطّان في معرِض ما كان ينعَى على هذا من إفراط الكِبْر وشدة العُجب حتى لم يكن يبدأُ أحدًا بالسلام ولا يرُدُّه على من يبدأ به، قال: "وذاكرت بذلك شيخَنا أَبا عبد الله المدعوَّ بالشريف، وكان من المتشيِّعين فيه والمتشبعين بذكْرِه المتعصِّبين له، فقال لي: إنه كان يسألُ عن ذلك ويذكر له ما فيه عليه، فيجيب معتذرًا باستغراق فكره واشتغال باله بالنظر في أجوبة ما وقع من المسائل العلمية بمجلس سلطان الوقت أو في إعداد مسائلَ يلقيها بينَهم به، فهو لا يزال خاطره معمورًا بذلك وذهنه مغمورًا به، زاعمًا أنه لا يرى أحدًا ممن يمرُّ هو به، فقلت له: يدفع ذلك حكايتُه عن نفسه مشاهدةَ ابن العثماني في مروره به على ما سآتي به بذكره إن شاء الله، فانقطع". وبعد أن ذكر ما كان ينعى على المذكور أَيضًا من غلُوٍّ في آل عبد المؤمن مشيرًا إلى قصة وردت في برنامَج ابن القَطّان فيها غلُوٌّ في المنصور واستخفافٌ بالعلم وأهله، قال: "ولقد ذاكرت بهذا الفصل أَيضًا شيخَنا أَبا عبد الله المذكورَ وأبديت له ما فيه من الدلالة على قبيح الغلوّ، فاعتذر عنه بأنّ حاملَه عليه تخوُّفُه من أبي عبد الله العادل ابن المنصور، فإنه كان قد أخمله كثيرًا، وكان يتوقع منه شرًّا، فقلت له: إنما وضع برنامَجه بعد موت العادل وموت أبي القاسم بن بَقِي، وأيضًا فهلّا ذكَرَ ذلك في رسم المنصور فيكونَ ذلك أتقنَ في التأليف وأجرى على سَنَن المصنّف في الإعلام بالشيوخ!
¬__________
(¬1) بغية الوعاة (328) والإعلام بمن حلّ 4/ 281.
(¬2) مذكرات ابن الحاج: 103 (نسخة مرقونة).
الصفحة 23
784