كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
فأمّا أن يذكر الشيخ في موضع ومولده بعد رَسْمه بأربعةَ عشَرَ شيخًا فعملٌ لم تجرِ العادة به ولا خفاء بما فيه، ثم إن شاء الله ذَكَرَ أَبا القاسم بن بَقِي بما يليق به إن رأى ذكره في شيوخه أو الإضراب عنه رأسًا! فلم يُحرِ جوابًا (يعني شيخَه أَبا عبد الله الشريف) " (¬1).
ولعل هذه المناقشةَ بين ابن عبد الملك وشيخه أبي عبد الله الشريف جرت في أثناء قراءته عليه الفِهرِسة التي وضعها الحافظ أبو الحَسَن ابن القَطّان.
وثمّةَ أعلامٌ أندَلُسيّونَ آخرَون وُلدوا بمَرّاكُش أو نَزلوا بها، اتّصل بهم ابن عبد الملك وجالسَهم وذاكرهم، ولكنّه لم يصرحْ بمشيختهم له.
8 - ومنهم: أبو عبد الله ابن الطَّراوة، وهو من بيت بني الطّراوة المالَقيِّين المعروفين، وُلد بمَرّاكُش ونشَأ بها في رعاية خالِه أبي الحَسَنُ عليّ بن عيّاش شيخ الكُتّاب بدار الخلافة، وشغَلَ -فيما يبدو- خُطةَ الإشراف في عهد الرشيد الموحِّدي، وتوفِّي بسِجِلماسَة سنة 659 هـ. قال ابن عبد الملك: "واستفدت بمُذاكرته ومجاورته كثيرًا، وكانت بينه وبين أبي رحمه الله مودّةٌ قديمة متأكِّدة كان يَذكُرها [دائمًا, ولم] أستجِزْه ولا قرأت عليه، ونَدِمت على ما فاتني منه. فقد كان [أهلًا للرواية عنه] رحمه الله" (¬2)، وندَمُه هنا على ما فاته من حصول المشيخة "الرّسمية" لجارِه هذا شبيهٌ بندَمِه على عدم تمكُنه من الأخذ عن جارِه الآخَر أبي الحَسَن ابن قُطرال الكبير كما مرّ.
كان ابن الطّراوة -كما وصفه المؤلف- "حافظًا للتواريخ على تباين أنواعها ذاكرًا لها محاضرًا بها، أديبًا بارعًا ناقدًا، كاتبًا محُسنًا، يقرض شعرًا يُحسن في أقله، ممتعَ المجالسة بارعَ الخَطّ رائق الطريقة أنيقَ الوِراقة، متقن التقييد مليح التندير، نَسّابة لخطوط المشايخ، كثير الإحكام لأموره وأدواته كلها، ظريف الملابس،
¬__________
(¬1) راجع ترجمة ابن القطان في السفر الثامن، الترجمة 10.
(¬2) انظر الترجمة رقم (63) من السفر الثامن.
الصفحة 24
784