كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
شديد المحافظة على كُتُبه، مثابرًا على الاعتناء بتصحيحها، متهمِّمًا باقتناء الأصول التي بخطوط أكابر الشيوخ أو عُنوا بضبطها، وجمَعَ منها جملة وافرة" (¬1)، وهذه أوصاف تدُلّ على شدة مخالطته له ودقّة ملاحظته لأحواله، ولا بدّ أنّ اهتمامات ابن عبد الملك -وهي من هذا الطراز- سَرَت فيه من التأثر بهذا الشيخ وأضرابه.
9 - وممّن ذكَرَهم في شيوخه بمَرّاكُش: أبو عبد الله محمد بن علي بن هشام القُرطُبيُّ الأصل الذي وُلد بمَرّاكُش ونشأ بسَلا، حيث كان والده يتولى بعض الأعمال السلطانية للموحِّدين، واستَوطنَ مَرّاكُش وقتًا، وسكن إشبيلِيَةَ مدة، وشَريشَ أخرى، ورحل إلى المشرق مرّتين، ورجع في الأخير إلى مَرّاكُش حيث توفِّي سنة 671 هـ. كان عارفًا بالحديث والعربية والطريقة الأدبية، سريع البديهة في النظم مكثرًا منه مُحسِنًا في بعضه كما يذكُر المؤلّفُ، قال: "صحِبته كثيرًا وأخذت عنه معظم ما كان عنده". وقد ترجَم له في الغرباء وحدّث عنه بسببِ رحلتِه الثَّانية، كما ذكره عدة مرّات في "الذّيل والتكملة".
10 - ومن الأندَلُسيّينَ الذين نزلوا مَرّاكُش وأخذ عنهم ابنُ عبد الملك: أبو الوليد محمد بن إسماعيل بن عُفَيْر اللَّبْلي، قال المؤلف: "قرأت عليه وسمعت، وأنشدني كثيرًا من شعره، وطالعني بجملة من رسائله". وقد أثبتَ في ترجمته وفي غيرها بعض ما أنشده شيخه هذا من شعر، وأشار إلى موازنة بين أدبه وأدب أخيه أبي العباس فقال: "كان (أبو العباس) شاعرًا مجُيدًا مُفلقًا يَفضُلُ على أخيه أبي الوليد في النظم كما يَفضُلُ أبو الوليد عليه في النثر" (¬2).
11 - ومنهم: أبو الحَسَن الجَيّانيّ الإشبيليّ، وهو نَحْويّ لغوي أديب مفسِّر، استكتبه الرّشيدُ الموحِّد، واستُعمل في الأعمال السلطانية، وولي خطة الإشراف على بلاد حاحة، وفيها توفِّي سنة 663 هـ, قال ابن عبد الملك: "وأخذت
¬__________
(¬1) الترجمة (63) من السفر الثامن.
(¬2) الذيل والتكملة 6/ الترجمة 310.
الصفحة 25
784