كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

عنه وجالسته كثيرًا وانتفعت بمذاكرته في الطريقة الأدبية"، وقد أثنى على خُلُقه وأدبه، وساق في ترجمته بعضَ شعره ونثره، وذكَرَ أنه زار قبره في تامطريت بحاحة (¬1)، وفي هذا ما يدُلّ على وفائه لشيوخه، وإن كان يجادلهُم في الحقّ والعلم بما لا يتنافى مع توقيرهم واحترامهم.

12 - ومنهم: أبو الحَجّاج يوسُف بن أَحْمد بن حَكَم البَلَنسِيُّ الذي نزَل بمِكْناس وغدا من المختصّين بمجالسة الأمير عبد الواحد وَلَد يعقوبَ بن عبد الحق، ووَلِيَ قضاء الجماعة بفاسَ له ولوالده يعقوبَ بن عبد الحق، وكان -فيما يقول مؤلف "الذّخيرة السَّنيّة"- "من أهل الأدب البارع، مشاركًا في علوم كثيرة، أخذ عنه جماعة من فقهاء الأندلس وإفريقيّة وأدبائهما" (¬2).
وقد سماه ابن عبد الملك في شيوخه عدّة مرات في كتابه ونَصّ على روايته عنه بمَرّاكُش، قال بعد أن أورد قصيدة ابن الأَبَّار في رثاء أبي الرَّبيع بن سالم: "نجَزَت، وأنشَدتُها على شيخنا أبي الحَجّاج بن حَكَم رحمه الله بمَرّاكش، وأنشدها على قائلها رحمه الله بدِهليز داره ببلنسية" (¬3).

13 - ومن هذا الصِّنف نذكر: أَبا عبد الله الرُّنْديّ، المدعوَّ بالمُسَلْهَم، وهو رُنْديٌّ سكن مَرّاكُش ودرَّس بها وأخذ عنه الناس فيها، وتوفِّي بها سنة 653 هـ وابن عبد الملك ما يزال في مَيْعة الفتوّة، قال: "كان محدِّثًا مكثرًا متّسع الرواية أديبًا من أبرع النَّاس خطًّا، عاقدًا للشروط، جَمّاعة للكتب وفوائد الشيوخ، نَسّابة لخطوط العلماء، ذاكرًا للتواريخ، حسَن المحاضرة، جميل اللقاء"، ثم قال: "جالستُه مرّات وكان صديقًا لأبي"، وأشار إلى كلام بعض الشيوخ في روايته لإكثاره وتصريح النَّاقد العَدْل حسَن ابن القَطّان بكذِبه وادّعائه، وعقَّب على ذلك بقوله:
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 5/ الترجمة 579.
(¬2) الذخيرة السنية 86، 123.
(¬3) الذيل والتكملة 4/ الترجمة 203.

الصفحة 26