كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

18 - ومن هؤلاءِ أَيضًا: أبو علي الحَسَنُ بن الحَسَنُ بن عَتيق بن منصور الجَنْب التّميميّ الإفريقيُّ (التونُسيّ)، ذكره ابن عبد الملك في شيوخه الذين حدّثوه عن أبي علي الشَّلَوْبِين (¬1)، ولا بدّ أنه ترجم له في القسم المفقود من الغرباء، وقد وصَفَه ابنُ الأبّار بقوله: "صاحبُنا الفقيه الحسيّب المليء المحدِّث المجتهد الصوفي" (¬2)، وهذا الشيخ ينتمي إلى بيت من البيوتات التونُسية التي خدمت دولة الموحِّدين (¬3).
بلغت الحركة العلميّة غايتَها في مَرّاكُش عندما بدأ ابن عبد الملك يطلب العلم ووَفَدَ عليها عددٌ كبير جدًّا من العلماء من مختلف البلدان. وبلغ من كثرة القادمينَ على الحضرة أنْ خَصَّهم أحد المؤرِّخين في ذلك العصر بتاريخ حفيل (¬4)، وهذا ما أتاح لابن عبد الملك أن يلقَى بعضهم ويأخُذ عنهم دون أن يحتاج إلى إبعاد الرحلة في طلب العلم. وممن قَدِم على حضرة الموحِّدينَ في عهدها الأخير أعلامٌ من المشرق ينزِعونَ إلى التصوف أو يحمِلون بضاعةً راجت في المشرق ثم في المغرب يومئذ ألا وهي بضاعةُ الوعظ التي روَّجَها ذلك الزمانُ المضطرب الداعي إلى الاعتبار والاتعاظ.

19 - فمن هؤلاء: أبو البركات عُمرُ بن مَوْدود الفارسيُّ، الذي حَظِيَ عند الخليفة الرّشيد الموحِّدي، وقد رآه المؤلّف في مجلس والده وهو طفل صغير ولا يذكر من أمره معه إلا أنه توسَّم فيه النَّجابة (¬5). ولعله يروي عنه بالإجازة.

20 - ومنهم: أبو عبد الله ابن الحَنْبليّ الدّمشقي، وهو فقيهٌ حنبليّ المذهب، خَلَفَ شيخَه الإِمام ابن الجَوْزي في طريقته الوعظية، وتجوّل في بلاد العالم
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 5/ الترجمته 807.
(¬2) المصدر نفسه 6/ الترجمة 709.
(¬3) انظر الترجمة رقم (86) من السفر الثامن.
(¬4) الذيل والتكملة، السفر الأول، الترجمة 700.
(¬5) انظر الترجمة رقم (35) من السفر الثامن.

الصفحة 28