كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

أواخر عهد الموحِّدين وأوائل عهد المَرِينيِّين، فزار آسفي وسَلا وفاس وسَبْتَة وتلِمْسان وحاحةَ ودرعة وأَزْمُور، كما جاز إلى الأندلس ولكنه اكتفى بزيارة الجزيرة الخضراء؛ طلبًا للقاء الشيوخ الكبار، وسعيًا وراء الأسانيد العالية، والفوائد النادرة، وبحثًا عن أصول المخطوطات النفيسة، ونُسَخها النادرة، ورغبةً في معرفة الأقران، ومذاكرة الأصحاب.

22 - ويخبرنا، في الأسفار التي بين أيدينا من كتابه، أنه رحل إلى آسفي مرات للقاء شيخه الكبير الحافظ الضّرير أبي علي الماقَرِيِّ، وغيره من أهل العلم في هذا البلد، وكانت أولاها في سنة 663 هـ. قال في ترجمة أبي عبد الله الغساني التِّلِمْسيني: "وردت آسفي في أول قَدْمة قَدِمت عليها يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وست مئة فعرَفتُ مرضَه، وقصدني ابنه جعفر مسلِّمًا عليّ وذاكرًا تشوقَه إلى، فتواعدت معه لعيادته من الغد، فجاء إلى منزلي من الغد وافيًا بوعده ومعتذرًا عن لقائه بعذر قبلته، وأدرج فيه رجاء تماثل حالة وإرجاء لقائه إلى [يوم آخر، وتوفي] يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى المذكورة، ودفن من الغد إثر صلاة الظهر بالمقبرة التي بقبلي جامع آسفي الأعظم، وحضرت جنازته وكانت مشهودة، وكنت قائدَ شيخنا أبي علي الماقريِّ الضّرير فيها, ولم يتخلف عنها أحد، وأتبعه الناس ثناءً جميلًا، وكان أبو علي يطيل الثناء عليه ويشيد بذكره" (¬1).
ولم يسَمِّ ابنُ عبد الملك أَبا عبد الله الغسانيَّ المذكور في شيوخه، ولكننا نستشفُّ من النص السابق الذي يُشعر بسابق معرفة به أنه ربما أخذ عنه، وقد يدل على ذلك تحدثه عنه حديث خبير به مطلع على أحواله: قال: "كان ذا حظ صالح من رواية الحديث، عَدْلًا فيما يرويه، متقدِّمًا في ضبط اللغات [والحفظ] للآداب والتواريخ والأنساب، مشاركًا في الفقه والنحو، ضاربًا في قرض الشعر
¬__________
(¬1) راجع ترجمة الغساني في السفر الثامن رقم (71).

الصفحة 31