كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

بسهم مصيب، متحرفًا بالتجارة في القيسارية بآسفي يقعُد في حانوته لاسترزاقه كل يوم ببضاعة يديرها فيها بعدَ الفراغ من مجلس تدريسه "الموطأ" والسير والنحو والآداب واللغة، وكان على طريقة مَرْضيّة، من أهل الدين المتين والانقباض عن مخالطة الرؤساء وملابستهم" (¬1).

23 - أما شيخُه الحافظ الماقريُّ، الذي أشار إليه في النص السابق، فيُعَدُّ من أقرب شيوخه إلى نفسه وأكثرهم تأثيرًا فيه، وقد روى عنه في "الذيل" من الإفادات والإنشادات والأحاديث ما لم يعرفه إلا من طريقه، وكان هذا الحافظ الراوية الماقريُّ قد أخذ عن طائفة من كبار الشيوخ من طبقة الحافظ أبي الحَسَن ابن القَطّان الفاسيّ، وأبي الخَطّاب بن واجِب البلنسي، وأبي الحَسَنُ بن أبي قوة الدّاني، وأبي علي الرُّنْديّ، وأبي بكر السّلاقي وغيرِهم، وكان مقيمًا برباط آسفي حيث يوجد شريح الولي المشهور أبي محمد صالح الماجِريّ، وقد تردَّد عليه ابن عبد الملك من مَرّاكُش مرّات، أشار إلى أولاها في النصِّ السابق، ويبدو أنه كان يقيم في كلِّ مرة ما يزيد على الشهر، فقد رأيناه في النصِّ السابق يذكر وصُولَه إلى آسفي في أواخر جمادى الأولى من سنة 663 هـ، وها هو يتحدّث بما يفيد مكوثه ووجوده فيها في أواخر جمادى الأخرى من السنة نفسِها، قال: "أنشدت على شيخنا أبي عليّ الماقري رحمه الله بثغر آسفي حماه الله في أواخر جمادى الأخرى من سنة ثلاث وستين وست مئة، قال: عرضتُ عليه -يعني أَبا الحَسَن ابنَ الحصّار هذا- قصيدته الرائيّةَ التي قالها في المدنيِّ والمكّيّ من سور القرآن، وهي اثنان وعشرون بيتًا، وذلك في شهر ذي الحجة من سنة ست وتسعين وخمس مئة" (¬2)، ثم ساق القصيدةَ المذكورةَ كما أنشدها على شيخه.
ومما حدّث به عنه أَيضًا قراءةً عليه بثغر آسفي: القصيدةُ الفائيّة في التوسُّل لأبي الوليد ابن الفَرَضيّ ومعارضتها للأُقليشيِّ والفازَازيّ، والماقَريّ، وحديثٌ
¬__________
(¬1) راجع ترجمة الغساني في السفر الثامن رقم (71).
(¬2) راجع ترجمة ابن الحصار في السفر الثامن رقم (14).

الصفحة 32