كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

وهذه وقعت في شبيبته كما نصّ على ذلك ولدُه أبو عبد الله، وفي هذه المرحلة على العموم كان تنقُّله لطلب العلم.

29 - وقد أخَذ عن جماعة من شيوخ العلم في سَبْتة أوّلهم: أبو القاسم العَزَفيُّ رئيسُها (من 647 هـ إلى 677 هـ)، وكان هذا الرئيسُ الفقيه عالمًا بالفقه والأصول والنّحو واللّغة والحديث، كما كان شاعرًا مُجِيدًا، سمّاه المؤلِّف في شيوخه الآخِذينَ عن أبي الحَسَن ابن القَطّان، وتحدَّث عنه في ترجمة شيخ الصُّوفية في عصره أبي العباس القنجايريِّ دَفِين سَبْتة، فقال: "وتخلّف بنتًا تزوَّجَها شيخُنا الفقيه الأجَلّ الرئيسُ الأوحد المرحوم أبو القاسم ابنُ الفقيه الأجلّ المحدِّث الراوية السَّنِيّ الأفضل أبي العبّاس أحمدَ ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد اللَّخمي، عُرِف بابن أبي عَزَفةَ ويُنسَب لذلك: العَزَفيَّ، أنكَحَه إياها أبوه المذكورُ؛ إذ كان أبوها قد عَهِد إليه بالإيصاء عليها والنظر لها، فأداه اجتهاده إلى إنكاحها من ابنه المذكور، فكان في ذلك اليُمنُ والخيرُ والبركة، فهي أُمُّ أولاد السّراةِ الأماجد الخمسة الأكابر، أبقى اللهُ عليهم وعلى أعقابهم بركة أسلافهم" (¬1).
وفي النصِّ دلالاتٌ واضحة على روابطِ الوفاء والولاء نحوَ شيخِه المذكور وأُسرته، ولا بدّ أنّ ابنَ عبد الملك لقِيَ عندهم أثناء مقامه بسَبْتةَ عنايةً ورعاية وبرورًا وتكريمًا، وقد عُرفوا بذلك مع أهل العلم في سَبْتة كافّة، وثمّةَ إشارةٌ لابن عبد الملك في كتابه تدُلّ على مكاتبته شيخَه هذا (¬2).

30 - ومنهم: الشاعرُ المُكثر مالكُ ابن المُرحَّل، وهو أشهر من أن يُعرَّف، روى عنه بعضَ الفوائد وقدرًا صالحًا من شعره، وأورد منه في السِّفر الأول من "الذّيل والتكملة" قصيدتَيْن طويلتَيْنِ في مثال النَّعل النبويِّ الكريم مَهّد للأولى
¬__________
(¬1) الذيل والتكملة 1/الترجمة 34.
(¬2) انظر ترجمة ابن منداس في السفر الثامن رقم (138).

الصفحة 37