كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

فيما يناظرُ فيه من التواليف، واشتغالًا بما يَعْنيه من أمر معاشِه، وتخاملًا في هيئته ولباسه، يكاد ينحَطّ عن الاقتصاد حسَب المألوف والمعروف في سَبْتة" (¬1). وأشار إليه في ترجمة أخيه محمد المعروف بأبي عبد الله البَرِّي، فقال: "وهو أخو شيخنا أبي إسحاق التِّلِمْسانيّ وكبيرُه" (¬2)، ولم يسَمِّ ابنُ الخَطيب من تلاميذه إلا ابنَ عبد الملك، قال: "رَوى عنه الكثيرَ ممن عاصره، كأبي عبد الله ابن عبد الملك وغيره". أمّا ما رواه عنه فهو أُرجوزتُه في الفرائض، وهي مشهورةٌ ومترجمة إلى اللغة الفرنسية، ومنظوماتُه في سِيَرِ المصطفى وأمداحُه، ومقالتُه في علم العَروض الدُّوبِيتي.

33 - وقرأ ابنُ عبد الملك في سَبْتةَ أَيضًا على القاضي ابن القارئ الإشبيليّ، وهو أبو الحُسَين عُبَيد الله بن عبد العزيز المشهورُ بابن القارئ، وسمّاه في شيوخه الآخذين عن أبي العباس أَحْمد بن منذر الإشبيلي وأبي الحَسَن الدّبّاج (¬3)، وكانت له حلقات يدرّس فيها بعض كتب القراءات والحديث، ولم تصل إلينا ترجمته في "الذّيل" حتى نعرفَ بالضّبط ما رواه عنه ابنُ عبد الملك.

34 - وذكَرَ ابنُ عبد الملك كثيرًا شيخَه نزيلَ سَبْتة ومِكْناس: أَبا محمد عبدَ الله، وهو مملوكٌ روميّ كان مَوْلًى لرئيس جزيرة مَنُرقة أبي عثمانَ سعيد بن حكم ثم لولده الرئيس من بعده أبي عُمرَ حَكَم، ومعه لجأ إلى سَبْتة بعد استيلاء الأرغُونيِّين على مَنُرقة سنةَ 686 هـ, ولم يصحَبْه عند توجهه في مركَب إلى تونُس مع أهله وحاشيته فغرقَ الجميعُ بأحواز مدينة الجزائر، وبذلك كُتِب له أن يعيشَ حتى آخر سنة 697 هـ أو أول السنة التي تليها، ووَلي خلال المدّة المذكورة الخَطابة في سَبْتة، كما كان مقصِدًا لأهل الطلب والرواية. وذكر ابنُ عبد الملك أنه حدَّثه عن أبي العبّاس بن عَجْلان، وابن عَمِيرة المخزوميِّ، وأبي القاسم بن يامِن، وأبي عثمانَ سعيد بن حَكَم سَيّدِه، وأبي عَمْرو عثمان ابن الحاجّ، وأبي
¬__________
(¬1) الإحاطة 1/ 326 نقلًا عن ابن عبد الملك.
(¬2) انظر ترجمة رقم (76) من السفر الثامن.
(¬3) الذيل والتكملة 1/ الترجمة 842، 5/ الترجمة 394.

الصفحة 40