كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)

الصلاة حسَبَ الأئمة الأربعة وغيرهم، ويبدو أنّ المكاتبةَ بين ابن عبد الملك وشيخه ابن دقيق العيد كانت متواصلةً بواسطة أصحاب الرّحلات العلميّة كابن رُشَيْد السَّبْتي والعَبْدَريّ الحاحيّ وغيرِهما، ونذكُرُ هنا أنّ الأخيرَ هو الذي أجرى ذكْرَ صاحبِه ابن عبد الملك في مجلس ابن دقيق العيد عند أول لقائه إياه، قال في رحلته: "وفي أول ما رأيته قال لي: كان عندَكم بمَرّاكُش رجلٌ فاضل، فقلت له: من هو؟ فقال: أبو الحَسَن ابن القَطّان، وذكر كتابه "الوَهْم والإيهام" وأثنى عليه، وذكرت له تعقيبَ ابن المَوّاق عليه وأنه تَرَكَه في مسَوَّدتِه، فعانى إخراجَه صاحبُنا الفقيهُ الأديب الأوحَد أبو عبد الله ابن عبد الملك حفظه اللهُ تعالى، فقال لي: ومَن هذا الرَّجل؟ فعرَّفته به وبما حضَرني من تحليته، وما أذكُرُ من تقاييدِه ومن جملتها "تذييلُه على كتاب الصِّلة لابن بَشْكُوال" وأنه كتابٌ متقَن مفيد، فعجِبَ من ذلك، وكتب ما أمليتُه عليه منه" (¬1).
كان هذا الكلامُ عند زيارة العَبْدريِّ للقاهرة سنة 688 هـ، ويستفاد من هذا أنّ ابنَ عبد الملك كان قد أخرَجَ كتابَيْه الكبيرَيْن وهما: "الجَمْع بين كتابَي ابن القَطّان وابن المَوّاق" في الحديث و"الذّيل والتكملة"، وأنّ العَبْدريَّ كان قد اطّلع قبل التاريخ المذكور على ما أخرَجَه ابن عبد الملك من هذا الكتاب الأخير؛ لأنّنا نجد في بعض التراجم ما يشيرُ إلى تواريخَ متأخِّرة عن التاريخ المذكور، ونعرف من كلام ابن الزُّبير وإشاراتٍ للمؤلّف في كتابه قُبَيْل وفاته أنه بقِيَ عاكفًا على تنقيحه وتكميله حتى وفاته كما سنبيّنُه فيما بعدُ، ونستفيدُ من كلام العَبْدريّ أَيضًا أنّ "الذّيل والتكملة" لم يُعرَفْ في مصر قبلَ زيارة العَبْدريّ، وأنه أولُ من عرَّف بهذا الكتاب الجليل الذي كان له فيما بعدُ شأنٌ كبير عند المؤرِّخين المِصريِّين والمَشارقة عمومًا حيث اعتمدوا عليه في كتابة التراجم، ولعلّ أوّلَهم ابن فَرْحون، ثم السَّخاويُّ، والسُّيوطي وسواهم.
¬__________
(¬1) رحلة العبدري: 140.

الصفحة 53