كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (اسم الجزء: 1)
وأما هذا التضمينُ الذي فعله الشِيخ فسبيلٌ جيّدة وطريقٌ مستحسَنة عند العرب والمولَّدين المتقدِّمين منهم والمتأخِّرين، وإنّما أوقعه في ذلك عَدَمُ معرفته باللفظ المشترَك، وأمّا ما ادّعاه من الإيطاء فغلطٌ وَقَرَ في سمعِه أو في خطِّه عند كَتْبه ووَضْعِه، وإنّما قال الناظمُ في البيت السادس:
* فما أسلمته بِيضُه ولهازمُهْ *
وإنما وقع: صَوارمُهْ، في البيت التاسع، وهو الذي ألزم به النقد هذا الناقد المتعسّف، وأمّا ما قاله في عَوْد الضّمير فممّا تُصانُ عنه المسامع، ويالله ويالله ويا للمسلمين! ما الذي يمنَعُ من إعادة الضمير على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟! وأيُّ تكلّف فيه أو أيّ نسبة أو بُعد تناول معَ أنّ إعادته على الضمير المخفوض في قوله: أرضه، وهو ضميرُ المثال أو ضميره - صلى الله عليه وسلم - وشرّف وكرم - صحيح حسن؟ ولكنّها عادةٌ تعوَّدَها، ووسادةٌ اعتمدها وتوسَّدها، وما نعلم في هذه القصيدة شيئًا يُنقَد إلا ثِقَل لفظ: أصكّ به خَدّي. واللهُ المرشد، والإنصاف أحقُّ ما اعتُمد، وأوْلى ما اعتُضِد" (¬1).
كما أورد ابن عبد الملك قصيدةَ ابن المُرَحَّل الطائيّةَ التي مطلعُها:
أدمعُك أم سِمطٌ وقلبُك أم قُرطُ ... وشوقُك أم سَقْطٌ وجسمُك أم خَطُّ؟
وعقَّب عليها قائلًا: "وفي هذه القصيدة أَيضًا تعقُّبٌ من وجوه، منها: استعمالُ "أم" مكان "أو" في قوله: أم خَطّ، وفي حَمْلها على الانقطاع بعدٌ لا يَحسُن فيه المعنى إلا على التكلّف، ومنها: تكريرُ المعنى في قوله: "بقلبي لها سَقْطُ" و"في مدمَعي سِمْطُ"، فيه افتَتَح القصيدة، وذلك ضِيقُ عَطَن. ومنها: استعمالُ البَسْط في قافية البيت الذي قبلَ الأخير منها مكان التبسُّط، ومنها، وهو أقبحُها: التضمينُ المَنْعيُّ عليه في القصيدة التي قبلَ هذه، وذلك بين البيتين: رأيت مثالًا، والذي بعده يليه" (¬2).
¬__________
(¬1) فتح المتعال للمقري: 285 - 286.
(¬2) الذيل والتكملة 1/الترجمة 419.
الصفحة 60
784